الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ } * { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ }

وبالجملة: { أَفَأَمِنُواْ } أولئك المنهمكمون في الغفلة { مَكْرَ ٱللَّهِ } المراقب لجميع أحوالهم، ولم يخافوا ولم يحزنوا من أخذه وانتقامه، ولم يتفطنوا أن من أمن عن مكره وأخذه فقد خسر خسراناً مبيناً { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ } المنتقم المقتدر { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [الأعراف: 99] المقصرون على الخسران الأبدي والشقاق السرمدي في أصل فطرتهم وقابلياتهم.

{ أَوَلَمْ يَهْدِ } أي: ألم يذكروا ولم يبين الغيور أحوال الأمم الهالكة، وأخذنا إياهم بما صدر عنهم من تكذيب الأنبياء؟ وما جاءوا به من عندنا من الأوامر والنواهي { لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ } خلفاْ { مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ } الهالكين بالجرائم المذكورة { أَن لَّوْ نَشَآءُ } بمقتضى قهرنا وجلالنا { أَصَبْنَاهُمْ } أي: الخلفاء أيضاً { بِذُنُوبِهِمْ } التي صدرت عنهم مثل أسلافهم، بل بأضعاهم وآلافهم { وَ } من علامات أخذنا وانتقامنا عنهم: أنا { نَطْبَعُ } ونختم { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } كيلا يفهموا؛ ليعتبروا { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } [الأعراف: 100] بسبب ذلك حتى يتعظوا به.

وبالجملة: { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ } الهالكة التي { نَقُصُّ عَلَيْكَ } يا أكمل الرسل في كتابنا هذا { مِنْ } بعض { أَنبَآئِهَا } قصصها وأخبارها وجرائمها مع الله ورسله { وَ } الله { لَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ } الواضحة والمعجزات القاطعة الساطعة، وهم من خبث طينتهم وشدة شكيمتهمه وضغينتهم { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } أي: قبل إرسال الرسل عليهم، بل أصروا على ما هم عليه ولم يؤمنوا أصلاً، ولم يقبلوا من الرسل جميع ما جاءوا به { كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ } ويختم سبحانه بمقتضى قهره { عَلَىٰ قُلُوبِ } جميع { ٱلْكَٰفِرِينَ } [الأعراف: 101] فلا تعجبل يا أكمل الرسل حال أهل مكة وإصرارهم ولا تحزن عليهم، ولا تك في ضيق من مكائدهم؛ إذ هي من الديدنة القديمة والخصلة الذميمة المستمرة بين الكفرة.

{ وَ } من جملة أخلاقهم الذميمة وخصلتهم القبيحة أيضاً: نقض العهد والمواثيق لذلك { مَا وَجَدْنَا } وصادفنا { لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ } أيضاً على لسان رسلنا موفين له { وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } [الأعراف: 102] أي: بل ما وجدنا أكثرهم بعدما عهدناهم إلا فاسقين، ناقضين لعهودنا ومواثيقنا.