الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }

{ نۤ } أيها النبي النائب عن الحق، الناظر بنور الله، النقي عن جميع الرذائل والآثام المنافية لمرتبة النبوة والولاية { وَ } حق { ٱلْقَلَمِ } الأعلى { وَ } بحق { مَا يَسْطُرُونَ } [القلم: 1] ويكتبون بها الملأ الأعلى من الأسماء والصفات المأمورة بتصويرات الأشياء الكائنة في النشأة الأولى والأخرى حسب آثار الأوصاف والأسماء الإلهية التي لا تُعدّ ولا تُحصى.

{ مَآ أَنتَ } يا أكمل الرسل المبعوث إلى كافة البرايا { بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } الذي ربَّاك على الهداية العامة، والولاية المطلقة، وأعطاك من الفضائل والكمالات المتعلقة لمرتبتي النبوة والولاية { بِمَجْنُونٍ } [القلم: 2] أي: ما أنت غافل عنها، ذاهل عن أداء حقها، جاهل بشكر نعمها ومولاها.

{ وَإِنَّ لَكَ } يا أكمل الرسل باحتمالك أعباء الرسالة والتبليغ، وتصبرك على أذيات أصحاب الزيغ والضلال { لأَجْراً } عظيماً من عند الله { غَيْرَ مَمْنُونٍ } [القلم: 3] منقطع أبد الآبدين؛ إذ ما يترتب على مرتبتك الجامعة من الكرامات اللائقة البديعة، لا انقطاع لها أصلاً.

{ وَإِنَّكَ } من كمال تخلقك بالأخلاق الإلهية، وتحققك بقمام الخلة والخلافة { لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4] لا خلق أعظم من خلقك؛ لحيازتك وجمعك خُلق الأولين والآخرين حسب جامعية مرتبتك.

وبالجملة: { فَسَتُبْصِرُ } يا أكمل الرسل { وَيُبْصِرُونَ } [القلم: 5] أولئك المصرفون المفرِّطون بنسبتك إلى الجنون حين تبلى السرائر، وينكشف ما في الضمائر، وينزل العذاب على أهله.

{ بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } [القلم: 6] أي: أيكم يفتن بالجنون: المؤمنون المهتدون بهدايتك، أو الكافرون الضالون بغوايتهم؟.

وبالجملة: { إِنَّ رَبَّكَ } الذي ربَّاك على الرشد والهداية { هُوَ أَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { بِمَن ضَلَّ } وانحرف { عَن سَبِيلِهِ } الموصل إلى توحيده { وَهُوَ } أيضاً { أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } [القلم: 7] المتمكنين منهم على جادة التوحيد، والصراط المستقيم الموصل إلى جنة الرضا، وروضة التسليم.

وبعدما سمعت نبذاً من شأنك في شأنك في النشأة الأخرى: { فَلاَ تُطِعِ } أيها النبي المجبول على الهداية والفلاح { ٱلْمُكَذِّبِينَ } [القلم: 8] المجبولين على الغواية و الضلال؛ يعني: مشركي مكة؛ لأنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه سبحانه أن يطيعهم، ويقبل منهم دعوتهم.

فإنهم { وَدُّواْ } وأحبُّوا { لَوْ تُدْهِنُ } وتلائم معهم، وتوافقهم في دينهم { فَيُدْهِنُونَ } [القلم: 9] معك، ويلاينونك ويوافقون معك، ولا يطعنون بدينك.

{ وَ } بعدما صرت متخلفاً بالخلق العظيم، ومتصفاً بالأوصاف الحميدة الإلهية { لاَ تُطِعْ } آراء ذوي الأخلاق الذميمة، والأطوار القبيحة مطلقاً، سيما { كُلَّ حَلاَّفٍ } مبالغ بالحلف الكاذب؛ لترويج آراء ذوي الباطل الزاهق الزائل { مَّهِينٍ } [القلم: 10] مهان عند الناس؛ بسبب الكذب والحلف عليه.

{ هَمَّازٍ } عيَّاب طعَّان يغتاب ويطعن بعض الناس عند بعضهم { مَّشَّآءٍ } يدور بين الناس { بِنَمِيمٍ } [القلم: 11] أي: ينقل حديث بعض عن بعض؛ حتى يوقع بينهم الفتنة والبغضاء.

{ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } شحيح بخيل لا ينفق من ماله على من يستحقه، ويمنع أيضاً صاحبه وصديقه عن الإنفاق؛ لئلا يلحق العار عليه خاصة { مُعْتَدٍ } مجاوز الحد في أنواع الظلم، وأصناف الفسوق والعصيان { أَثِيمٍ } [القلم: 12] مبالغ في اقتراف الإثمَّ والعدوان بلا مبالاة.

السابقالتالي
2