الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ }

ثمَّ قال سبحانه منادياً لنبيه على سبيل الإرشاد والتعليم: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ } ويقبلن منك مطلق الحقوق والحدود المعتبرة في الشرع، سيما { عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد، المنزه عن الشريك والولد { شَيْئاً } من الإشراك { وَلاَ يَسْرِقْنَ } من حرز إنسان ماله { وَلاَ يَزْنِينَ } سواء كن محصنات أو غير محصنات { وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } كإسقاط جنين، ووأد البنات وغيرها { وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } يعني: لا تأتي بالمرأة بشيء فاحش إلى حيث تقذف بولدها بأنه ليس من زوجها؛ بسبب ذلك الشيء الذي صدر عنها، يبهت الناس بسببه، ووقعوا في الافتراء لأجله { وَ } بالجملة: يبايعنك على أن { لاَ يَعْصِينَكَ } يا أكمل الرسل { فِي مَعْرُوفٍ } مستحسن عقلاً وشرعاً تأمرهن بها أصلاً حالهن، وإذا بايعن معك على ترك الخصائل المذمومة { فَبَايِعْهُنَّ } أيضاً { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ } بما صدر منهم قبل البيعة { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على ما في نياتهن من الإخلاص { غَفُورٌ } يغفرهن بعدما أخلصن { رَّحِيمٌ } [الممتحنة: 12] يقبل توبتهن.

ثمَّ لمَّا واصل بعض فقراء المسلمين اليهود؛ ليصيبوا من ثمَّارهم لنزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم: ترك مواصلة اليهود ومصاحبتهم { لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } يعني: عامة المشركين؛ لأنهم { قَدْ يَئِسُواْ } وقنطوا { مِنَ ٱلآخِرَةِ } لذلك لم يؤمنوا بها وبما فيها من المواعيد والوعيدات الهائلة { كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } [الممتحنة: 13] يعني: مثل يأسهم من البعث والحشر أصحاب القبور، وإخراجهم منها أحياء، ووقوفهم بين يدي الله، فعليكم ألاَّ تصاحبوا معهم إن كنتم مؤمنين مصدقين بها.

جعلنا الله من المصدقين بيوم الدين، وبعموم ما فيه من المؤمنين الموقنين.

خاتمة السورة

عليك أيها الموحد المحمدي - مكنك الله في مقر عز التوحيد واليقين، وجنبك عن طريان التردد والتلوين - ألاَّ تصاحب أهل الغفلة وأصحاب الجهالات، المنهمكين في بحار الأوهام والخيالات الموروثة لهم من متقضيات الإمكان المستلزم لأنواع الخذلان والهوان، فلك أن تلازم زاوية الخمول بالعفاف قانعاً من الدنيا بالكفاف، مجتنباً عن مخائل أصحاب الجزاف، متوكلاً على الصمد المعين، متوجهاً نحوه في كل تحريك وتسكين، راضياً بما جرى عليك من القضاء، مطمئناً بما وصل إليك من العطاء، شاكراً لنعم الله في السراء والضراء، مقتصداً بين الخوخف والرجاء، مفوضاً عموم أمورك إلى المولى، متعطشاً في جميع أحوالك إلى شرف اللقاء، وما هي إلا جنة المأوى، وسدرة المنتهى.

رزقنا الله عموم عباده الوصول إليها، والتحقق دونها بمنِّه وجوده.