الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن تبعك من المؤمنين وقت { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } حين تيقظ عن منام الغفلة وتنبه عن سنة النسيان { لأَبِيهِ } المسمى { آزَرَ } العابد للأصنام { أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً } تنحتها { آلِهَةً } مستحقة للعبادة قاردة للإيجاد والإعدام { إِنِّيۤ } بعدما تنبهت وتفطنت بعدم قابليتها للألوهية بل الإله لا بدَّ أن يكون متصفاً بجميع أوصاف الكمال بلا تغيير وزوال وانتقال { أَرَاكَ } يا أبت { وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأنعام: 74] بعبادة هذه التماثيل الباطلة واعتقادها معبودات حقه.

{ وَكَذَلِكَ } أي: مثل ما نوقظه من منام الغفلة في أمر الأصنام { نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: عجائبهما وغرائبهما المودعة فيهما؛ ليتأمل فيها ويتفكر في تدبيراتها وتصريفاتها حتى ينكشف بمبدعها { وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } [الأنعام: 75] في أمرها لا من المنتظرين المترددين المتخذين بعضها آلهة كعبدة الكواكب والمجسمة وغيرهما.

{ فَلَمَّا جَنَّ } أظلم { عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً } استنار بنوره وانكشف عنه الظلمة بسببه، وظن أنه انكشافه ذاتي مطلق دائم { قَالَ } على مقتضى ظنه به: { هَـٰذَا رَبِّي } إذ هو نور يتجلى في الظلمة فيستحق الربوبية والعبودية { فَلَمَّآ أَفَلَ } غاب وانمحق { قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } [الأنعام: 76] فكيف أعبده وأخص العبادة له؛ إذ الأفول والتغيير من أمارات الحدوث، والحادث لا يستحق العبودية ولا يليق بالألوهية.

{ فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً } مبتدئاً في الطلوع منيراً، له إشراق وإضاءة وإنكشاف خليه؛ إذ هو وحصره فيه { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ } انمحق وانكسر { قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } ولم يكشف على أمره { لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } [الأنعام: 77] باعتقاده إلهية هذا البازغ الآفل.

{ فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً } قاهرة لجميع الكواكب مضيئة بنفسها مشرقة بجميع ما ظهر عليها بحيث لا يُنمحى انكشافها بسائر الكواكب أصلاً { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } إذ هو أتم انكشافاً وأكمل إضاءة وإنارة { هَـٰذَآ أَكْبَرُ } من الجميع فهي المستحق بالألوهية والربوبية { فَلَمَّآ أَفَلَتْ } وتغيرات، وانكشف إلى نور لا أفول له ولا تغيير، بل هونُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } [النور: 35].

{ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي } بعدما كوشفت بنور الحق وعوينت بوجهه الكريم، تحققت بتوحيده وتمكنت بمقر تجريده وتفريده { بَرِيۤءٌ مِّمَّا } جميع { تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 78] به من التماثيل الباطلة والأظلال الهالكة الآفلة.