الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } * { وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }

{ ٱلْحَمْدُ } والثناء المشعر بالإطاعة والانقياد المنبأ عن التعظيم والتبجيل الذاتي الصادر عن ألسنة جميع من يدخل في حيطة الوجود، المعترف بتوحيده سبحانه وتفريده استقلالاً ثابتاً { للَّهِ } المستقل بالألوهية، المتوحد في الربوبية، المستحق في العبودية، وكيف لا يستحق سبحانه مع أنه القادر { ٱلَّذِي خَلَقَ } وقدر { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي: أظهر علويات الأسماء والصفات وسفليات الطبيعة العدمية القابلة لانعكاس أشعة العلويات { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ } أي: أنشأ حجب التعينات { وَٱلنُّورَ } أيك ظل الوجود المنبسط عليها { ثْمَّ } بعدما ظهر إشراق نور الوجود، ولمع أضاء شمس الذات { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } أي: ستروا بهويتهم الباطلة هويته الحقيقة السارة في الآفاق أزلاً وأبداً { يَعْدِلُونَ } [الأنعام: 1] يميلون وينحرفون عن طريق الحق جهلاً وعناداً.

وكيف تعدلون عن طريق الحق وتسترون هويته مع هوياتكم الباطلة أيها التائهون في تيه الضلال؟! إنه: { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } أي: قدر وجودكم { مِّن طِينٍ } جماد قريب من العدم { ثُمَّ قَضَىۤ } وقدر { أَجَلاً } لحياتكم في النشاة الأولى { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } مقدر { عِندَهُ } لفنائكم فيه في النشأة الأخرى { ثُمَّ أَنتُمْ } بعدما علمتم وتحققتم منشأكم ونشأتكم الأولى { تَمْتَرُونَ } [الأنعام: 2] تشكون في النشأة الأخرى.

{ وَ } كيف تمتمرون وتشكون فيها مع أنه { هُوَ ٱللَّهُ } القادر المتوحد المتفرد المتجلي { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ } بالاستقلال والانفراد { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } [الأنعام: 3] من خير وشر ونفعوضر في نشأتكم الأولى.

{ وَ } من أمارات كفرهم وسترهم أنهم { مَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ } عظيمة دالة على توحيد الحق بلسان رسول من الرسل العظام { مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ } المتوحد بالربوبية { إِلاَّ كَانُواْ } من غاية كفرهم وجهلهم { عَنْهَا مُعْرِضِينَ } [الأنعام:4].

ومن غاية إعراضهم وإلحادهم عن طريق الرشاد { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ } المطابق المواقع الذي هو القرآن الجامع { لَمَّا جَآءَهُمْ } بلسان من هو أعلى مرتبة ومكانة عند الله، وأكمل ديناً وأقوم طريقاً فكذبوه واستهزءوا به { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ } وسيظهر لهم في النشأة الأولى والأخرى { أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } [الأنعام: 5] حين نزول العذاب عليهم في الدنيا بضرب الذلة والمسكنة والجزية والصغار، وفي الآخرة العذاب والنكال المخلد.