الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ قُلْ } يا أكمل الرسل المبعوث إلى كافة البرايا: { إِنَّنِي } مع كوني بشراً مثلكم { هَدَانِي رَبِّيۤ } الذي رباني بأنواع اللطف والكرم { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } موصل إلى توحيده الذاتي، وآتاني من فضله { دِيناً قِيَماً } قومياً مستقيماً { مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } مائلاً عن الأديان الباطلة والآراء الفاسدة لذلك { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [الأنعام: 161] في وقت من الأوقات.

{ قُلْ } يا أكمل الرسل المظهر للتوحيد الذاتي مفوضاً جميع أمورك وما جرى عليك وظهر منك إلى ربك: { إِنَّ صَلاَتِي } إي: ميلي بجميع أعضائي وجوارحي { وَ } سائر { نُسُكِي } وعبادتي التي هي سبب تقريبي وتوسلي نحو الحق { وَ } بالجملة: لوازم { مَحْيَايَ وَمَمَاتِي } خالصاً { لِلَّهِ } المتوحد المتصرف في ملكه وملوكته بما يشاء بالاستقلال والاختيار لكونه { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الأنعام: 162].

{ لاَ شَرِيكَ لَهُ } ينازعه، ولا ضد له يكافئه ويماثله، لا وجود لغيره أصلاً { وَبِذٰلِكَ } التفويض والإخلاص { أُمِرْتُ } من عنده لتوحيده { وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 163] الموحدين المظهرين الظاهرين بالتوحيد الذاتي.

{ قُلْ } يا أكمل الرسل مستوبخاً مستقرعاً لمن عاندك في طريق التوحيد، وجادلك بإثبات الشركاء له وتوقع موافقتك لشركه: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ } المتوحد في ذاته، المتفرد في ألوهيته { أَبْغِي } أتخذ وأطلب { رَبّاً } مربياً مولياً { وَ } الحال أنه { هُوَ } بذاته وأسمائه وأوصافه { رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } وخالقه وموجده من كتم العدم { وَ } إذا قلت لهم من كلمة الحق ما قلت دعمهم وشركهم؛ إذ { لاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } من الجرائم والآثام { إِلاَّ } تحمل { عَلَيْهَا } أصارها وأثقالها { وَلاَ تَزِرُ } تقترف تحمل نفس { وَازِرَةٌ } عاصية كافرة { وِزْرَ أُخْرَىٰ } بل كل منها رهينة بما كسبت، إن خيراً فخير وإن شراً فشر { ثُمَّ } بعد انقضاء النشأة الأولى { إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ } رجوع الظل إلى ذي الظل { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [الأنعام: 164] أي: يميز لكم الحق من الباطل والهداية من الضلال والعناية من الوبال والنكال.

{ وَ } كيف ينكرون توحيد الحق وترتبيته إياكم مع أنه سبحانه { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ } أي: خلفاء قابلين لمظهرية جميع أوصافه { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } في الاتصاف بأوصافه والتخلق بأخلاقه { لِّيَبْلُوَكُمْ } ويختبركم { فِي مَآ آتَاكُمْ } من استعداداتكم وقابليتكم هل تصرفها إلى ما خلقتم لأجله أم لا { إِنَّ رَبَّكَ } يا أكمل الرسل { سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } على صنيع استعداده الفطري فيما لا يعنيه { وَإِنَّهُ } أيضاً { لَغَفُورٌ } لمن تنبه استغفر { رَّحِيمٌ } [الأنعام: 165] لمن تاب واستهدى.

خاتمة سورة الأنعام

عليك أيها المتوجه نحو الحق القاصد سلوك طريق توحيده، أنجح الله أملك وأوصلك إلى مبتغاك أن تنخلع وتتجرد عن متقضيات القوى النفسانية من لذاتها وشهواتها الحسية والوهمية والخيالية، وتتوجه بما فيك من مبادئ القوى الروحانية إلى مبدئها، مقتفياً في توجهك أثر ما وصل إليك من آثار النبي صلى الله عليه وسلم المختار، الذي استخلفه الحق وأظهره على مقتضى جميع أوصافه وأسمائه، واجتباه من بين جميع رسله وأنبيائه، وأرسله مظهراً للتوحيد الذاتي وأنزل عليه كتاباً جامعاً محتوياً على جميع فوائد الكتب السالفة مع زيادات خلت عنها الجميع، مبيناً لطريق التوحيد على الوجه الأتم الأكمل إلى حيث لم يبقَ بعد بعثته احتياج إلى مبين آخر، لذلك قال سبحانه:

السابقالتالي
2