{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل: { هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ } أي: أحضروا أحباركم { ٱلَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ } في كتابه { هَـٰذَا } أي: ما ادعيتم تحريمها.
{ فَإِن شَهِدُواْ } بعدما حضروا افتراء على كتاب الله { فَلاَ تَشْهَدْ } يا أكمل الرسل { مَعَهُمْ } ولا تقبل شهادتهم { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ونسبوا إليها ما هي خالية عنها { وَ } اعلم يا أكمل الرسل أن { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } ولا بالمجازاة والكافأة مطلقاً، ولا يبالون من أفعال هذه المفتريات الباطلة { وَهُم } من غاية جهلهم { بِرَبِّهِمْ } الذي رباهم بأنواع الكرم { يَعْدِلُونَ } [الأنعام: 150] يشركون ويجعلون له عديلاً، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل على مقتضى شفقة النبوة: { تَعَالَوْاْ } أيها التائهون في بيداء الضلال { أَتْلُ } وأعد لكم { مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } في نشأتكم الدنيا، أولاها وعظماها: { أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } من مصنوعاته؛ إذ هو أحد صمد فرد وتر ليس لغيره وجود حتى يشاركه ويماثله { وَ } أن تفعلوا { بِٱلْوَالِدَيْنِ } اللذين هما سببان قريبان لظهوركم إلا { إِحْسَاناً } لإحسانهما إليكم في حفظكم وحضانتكم { وَ } أن { لاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ } ظلماً ناشئاً { مِّنْ } خوف { إمْلاَقٍ } فقر وقلة؛ إذ { نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } وأن { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ } القبيح { مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } كالقود وقتل المرتد ورجم الزاني المحصن وغيرها من المحارم التي رخص الشرع بارتكابها، إذا ارتكابها من جملة المحللات والمأمورات { ذٰلِكُمْ } المذكور مفصلاً مما { وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [الأنعام: 151] رجاء أن تسترشدوا لتهتدوا إلى توحيده.