{ فَإِن كَذَّبُوكَ } وعاندوك فيما تلونا عليك { فَقُلْ } لهم إمحاضاً للنصح على مقتضى مرتبة النبوة: { رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } يمهلكم على ما أنتم عليه ويوسع عليكم على مقتضى رحمته وجماله { وَ } الحال أنه { لاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } وبطشه على مقتضى غيرته وحميته وجلاله { عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [الأنعام: 147] الذين أجرموا على الله بالخروج عن مقتضى أحكامه النازلة على ألسنة رسله. { سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } على سبيل التكذيب والإنكار فيما جئت به: و { لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } ما أنت ترويه عنه وتدعيه بالنسبة إلينا { مَآ أَشْرَكْنَا } مع أنه القادر على جميع ما أراد { وَلاَ } أشرك { آبَاؤُنَا } أيضاً { وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ } مما أجزت تحريمه عنه بالنسبة إلينا بل ما هي إلا مفتريات تخترعه من عندك { كَذٰلِكَ } مثل تكذيبهم لك بأمثال هذه الهذيانات الباطلة { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِهِم } أنبياءهم { حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا } الذي أنزلنا عليهم واستأصلناهم بتكذيبهم، وإن أردت إلزامهم وتبكيتهم { قُلْ } لهم مستفهماً: { هَلْ } حصل { عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ } نقل صريح وحجة واضحة موردة من عند الله { فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ } وتظهروه حتى نتبعه، ونقبله؟ فإن لم يخرجوا فقل لهم: { إِن تَتَّبِعُونَ } أي: ما تتبعون { إِلاَّ ٱلظَّنَّ } الذي لا يغني من الحق شيئاً { وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ } [الأنعام: 148] تكذبون على الله افتراء ومراء، فأعرض عنهم ودع مجادلتهم ومخاطبتهم. { قُلْ } يا أكمل الرسل بدما ألزموا وأفحموا: { فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ } البينة الواضحة { ٱلْبَالِغَةُ } حد الكمال { فَلَوْ شَآءَ } هدايتكم { لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [الأنعام: 149] أي: لأوضح حجته عليكم ووفقكم إلى قبوله، ولكن لم تتعلق مشيئته على هدايتكم لذلك أصررتم واستكبرتم، وإذا لم ينتبهوا بعد إلقاء حجة الله عليهم بل أصروا على تقليد أحبارهم.