الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ } * { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَٰمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَهَـٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } * { لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ وَ } من غاية جهلهم ونهاية قسوتهم { إِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ } هادية لهم إلى سبيل الرشاد { قَالُواْ } من غاية بغضهم وعنادهم: { لَن نُّؤْمِنَ } بها { حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ } من يدعي أنهم { رُسُلُ ٱللَّهِ } إذ نحن وهم سواء في البشرية وأولى منهم في الرئاسة والنسب، فكيف يؤتى لهم ولم يؤتَ إلينا؟ قل لهم يا أكمل الرسل: الوحي والإيتاء بيد الله يؤتي من يشاء ويمنع ممن يشاء؛ إذ { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } لا يعتبر عنده الرئاسة والنسب بلا تفضلاً على من تفضل من عباده بلا التفات إلى نسبه وحسبه يقدر قابليته واستعداده، المقدر له من عنده في سابق علمه،وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } [النمل: 70] ويقولون إذ { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } مغرورين على رئاستهم وجهلهم ونسبهم { صَغَارٌ } مذلة وهوان { عِندَ ٱللَّهِ } حين إحضارهم الحساب والجزاء { وَ } بعدما كشف حالهم وحسابهم لهم { عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ } [الأنعام: 124].

وإذا كان الأمر بيد الله من عنده { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } إلى توحيده { يَشْرَحْ صَدْرَهُ } أي: يفسحه ويوسعه { لِلإِسْلَٰمِ } أي: التفويض والاستسلام إلى حيث رضي بجميع ما قضي له، ومتى رضي بالقضاء يسع الحق فيه فيستولي عليه فيغنيه عن هويته ويبقيه ببقائه السرمدي { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } عن فسحة توحيده { يَجْعَلْ صَدْرَهُ } الذي من شأنه أن يسع الحق فيه { ضَيِّقاً } ضنكاً { حَرَجاً } في غاية الضيف باستيلاء لوازم الإمكان عليه، إلى حيث تضيق الأرض عليه فيتمنى الصعود إلى عالم الأسباب { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } أي: يطلب الصعود إلى السماء، ومن غاية احتياجه واضطراره، وهذا مثل يضرب به لمن ضاق عليه طرق معاشه { كَذٰلِكَ } أي: كحال من اضطر إلى الصعود نحو السماء { يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ } أي: خذلان الإمكان والحرمان في النشأة الأخرى { عَلَى } القوم { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 125] بتوحيد الله وسعة لطفه وجوده.

{ وَهَـٰذَا } أي: ما أنزلنا إليك يا أكمل الرسل من القرآن المبين لطريق المعرفة والإيقان { صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً } لا عوج فيها أصلاً موصلاً إلى توحيده { قَدْ فَصَّلْنَا } وأوضحنا فيما أنزلناه إليك { ٱلآيَاتِ } الدالة على توحيدنا { لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } [الأنعام: 126] يتعظون بها ويتذكرون مبدأهم الذي ينشئون منه ويظهرون عنه وهو الوحدة الذاتية.

{ لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ } أي: مقام التفويض والاستسلام { عِندَ رَبِّهِمْ } بعدما تحققوا بتوحيده { وَهُوَ } بذاته { وَلِيُّهُمْ } ومولى أمورهم { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الأنعام: 127] أي: بجميع ما كانوا يعملون من الأعمال؛ إذ هو سمعهم وبصرهم ويدهم ورجلهم وجميع جوارحهم التي صدرت عنها أعمالهم على ما نطق الحديث القدسي صلوات الله وسلامه على قائله.