الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } * { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }

ثمَّ قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع: { أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } مع المؤمنين حيث { يَقُولُونَ } في خلواتهم { لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } وكان بينهم صداقة الشرك وأخوة الكفر، وموالاة البغض مع المؤمنين: لا تصالحوا مع هؤلاء المدعين؛ يعنون: المؤمنين، وإنَّا معكم، والله { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } من دياركم عنوةً { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ } ألبتة { وَلاَ نُطِيعُ } ونتبع { فيكُمْ } أي: في قتالكم وحرابكم { أَحَداً أَبَداً } من هؤلاء الأعادي { وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ } ونعاوننكم ألبتة بلا تخلف منَّا { وَٱللَّهُ } المطلع على عموم أفعالهم ونياتهم فيها { يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [الحشر: 11] في قولهم وعهدهم هذا مع إخوانهم.

حيث قال سبحانه: { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ } ألبتة { وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ } جزماً، وقد وقع ذلك، فإن أُبي وأصحابه عهدوا مع بني النضير على هذا، ثمَّ أخلفوهم، وهم قد خرجوا من ديارهم، وهؤلاء لم يخرجوا { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ } بالفرض والتقدير، ويقاتلوا معكم أيها المؤمنون من جانب عدوكم، والله { لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ } وقت كركم عليهم { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } [الحشر: 12] بعد ذلك؛ لشدة خوفكم ورعبكم في قلوبهم.

وبالجملة: { لأَنتُمْ } أيها المؤمنون { أَشَدُّ رَهْبَةً } مرهوبية ومرعوبية راسخة { فِي صُدُورِهِمْ } متمكنة في نفوسهم من قبلكم، والحال أن تلك الرهبة الشديدة الحاصلة منكم إياهم ناشئة { مِّنَ ٱللَّهِ } إذ هو سبحانه قذفها في صدورهم من جانبكم، وأقدركم عليها { ذَلِكَ } أي: عدم تفطنهم بمنشئها { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [الحشر: 13] ولا يعلمون عظمة الله، وحق قدره حتى يخشوا منه حق خشيته.

وبالجملة: لا تبالوا أيها المؤمنون بودادة المنافقين مع اليهود، واتفاقهم معهم؛ إذ { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } مجتمعين متفقين { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } محصورة، مسورة بالدروب والخنادق { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } يستحصنون بها؛ وذلك من فرط رعبهم، وشدة رهبتهم من المؤمنين، وإلاَّ { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي: حين حارب بعضهم بعضاً، أو مع غير المؤمنين، قتالهم شديد وحرابهم عظيم، وإذا حاربوا مع المؤمنين { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } مجتمعين ظاهراً في بادئ النظر { وَ } لكن { قُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } متفرقة مختلفة حقيقةً؛ لافتراق عقائدهم، واختلاف مقاصدهم { ذَلِكَ } الافتراق والاختلاف { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } [الحشر: 14] ولا يفهمون ما هو صلاحهم في الدارين، وفلاحهم في النشأتين.