الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } * { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }

ثمَّ قال سبحانه على سبيل الحث والترغيب، والتمنن والتشويق: { أَلَمْ يَأْنِ } أي: لم يقرب الوقت، ولم يحضر الأوان { لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } بوحدة الحق، وبكمالات أسمائه وصفاته { أَن تَخْشَعَ } وتخضع وتلين وترق { قُلُوبُهُمْ } التي هي وعاء الإيمان والعرفان { لِذِكْرِ ٱللَّهِ } المستجمع لعموم الأسماء والصفات، المسقط لجميع الإضافات { وَمَا نَزَلَ } سبحانه في كتابه المبين لطريق توحيده { مِنَ ٱلْحَقِّ } الحقيق بالامتثال والاتباع من الأوامر والنواهي الموردة فيه، المتعلقة لتهذيب الظاهر والباطن، والرموز الإشارات المصفية للسر عن التفات إلى ما سوى الحق.

{ وَ } بالجملة: { لاَ يَكُونُواْ } - التفسير جرى على رواية رويس - (وَلاَ تَكُوْنُوْا) أيها المؤمنون في الإعراض عن كتاب الله، والانصراف عما فيه من الحكم والمصالح { كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ } وهم اليهود والنصارى { فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ } أي: مضى الزمان بينهم وبين أنبيائهم { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } عن الإيمان، مع أن الكتب بين أظهرهم { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [الحديد: 16] خارجون عن دينهم، تاركون ما في كتابهم من الأحكامم من فرط قساوتهم وغفلتهم، فلكم ألاَّ تكونوا أمثالهم مع نبيكم ودينكم وكتابكم.

{ ٱعْلَمُوۤاْ } أيها المؤمنون الموحدون { أَنَّ ٱللَّهَ } المطلع على قابليات عباده واستعداداتهم الفطرية { يُحْيِـي ٱلأَرْضَ } أي: أراضي استعداداتكم بماء المعارف الحقائق، والمكاشفات والمشاهدات { بَعْدَ مَوْتِهَا } بالجهل والغفلة الناشئة من ظلمات الطبيعة والهيولى، وبالجملة: { قَدْ بَيَّنَّا } وأوضحنا { لَكُمُ ٱلآيَاتِ } الدالة على هدايتكم وتكميلكم في القرآن العظيم { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [الحديد: 17] رجاء أن تتأملوا فيها، وتتعظوا بها، وتفهموا إشاراتها، وتعتبروا منها، وتتفطنوا بما فيها من السرائر المرموزة والحكم المكنونة.

ومن علامات تعقلكم واتعاظكم: الصدق بمزخرفات الدنيا، والتقرب بها نحو المولى { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ } أي: المتصدقين { وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } أي: المتصدقات { وَ } هم الذين { أَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } خالصاً عن شوب المن والأذى، طالباً لمرضاته سبحانه { يُضَاعَفُ لَهُمْ } صدقاتهم في النشأة الأولى { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } [الحديد: 18] في النشأة الأخرى.

{ وَ } بالجملة: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } وأخلصوا في إيمانهم، وأكدوه بصوالح أعمالهم وإحسانهم { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون { هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ } المتبالغون في الصدق، والمقصورون على الإخلاص، المتمكنون في منهج حق اليقين { وَٱلشُّهَدَآءُ } الكشافون المشاهدون، الحاضرون { عِندَ رَبِّهِمْ } المستغرقون بمطالعة لقائه { لَهُمْ } في النشأة الأخرى { أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } الموعود لهم من قِبل الحق على وجه لا مزيد عليه { وَ } المسرفون المفرطون { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بوحدة ذاتنا { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } الدالة على استقلالنا في تصرفاتنا عتواً وعناداً { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون هم { أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [الحديد: 19] أي: ملازموها وملاصقوها، لا نجاة لهم منها.