الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } * { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } * { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } * { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } * { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } * { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } * { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا }

وبالجملة: { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ } كل واحد منهم ظلماً وزوراً { تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } [النجم: 27] أي: يسمونهم بنات الله ظلماً على الله، بإثبات الولد له وعليهم نقص الأنوية إياهم.

{ وَ } الحال أنه { مَا لَهُم بِهِ } أي: بقولهم هذا { مِنْ عِلْمٍ } لا يقين ولا ظن، ولا سند من عقل ونقل، بل { إِن يَتَّبِعُونَ } أي: ما يتبعون في قولهم هذا { إِلاَّ ٱلظَّنَّ } والتخمين الناشئ من تقليد آبائهم، المنتسبين إلى الجهل والعناد { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ } المستند إلى الجهل والتقليد { لاَ يُغْنِي } ويفيد { مِنَ ٱلْحَقِّ } الحقيق بالاتباع { شَيْئاً } [النجم: 28] من الإغناء والإفادة.

وبعدما سمعت حالهم وقولهم: { فَأَعْرِضْ } يا أكمل الرسل وانصرف { عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } الصارف له عن أمثال هذه الهذيانات الباطلة، ولا تبالِ بشأنه، ولا تبالغ في دعوته من غاية إعراضه وانصرافه { وَلَمْ يُرِدْ } من السعادات المنتظرة، والكرامات الموعودة للإنسان { إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } [النجم: 29] ولذاتها وشهواتها، ولم يهتم إلا بشأنها، واقتصر على مزخرفاتها مع كمال غفلة، وذهول تام عن الكرامات الروحانية، واللذات الأخروية.

{ ذَلِكَ } الذي سمعت يا أكمل الرسل من ميلهم إلى الدنيا { مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } اللذني الفائض لهم من حضرة العلم الإلهي، فعليك يا أكمل الرسل أن تعرض عنهم وعن دعوتهم وإرشادهم، بعدما أمرت به حسب العقل الفطري الموهوب لهم من المبدأ الفياض، وبالغت في تبليغ المأمور.

وبالجملة: { إِنَّ رَبَّكَ } الذي رباك بكمال كرامته، واصطفاط لرسالته ونيابته { عَن سَبِيلِهِ } بعلمه الحضوري { هُوَ أَعْلَمُ } وانحرف { بِمَن ضَلَّ } من عباده، ومال عن جادة توحيده { وَهُوَ أَعْلَمُ } أيضاً { بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } [النجم: 30] منهم بهدايتك وإرشادك.

{ وَ } كيف لا يعلم سبحانه المضلين والمهتدين من عباده؛ إذ { لِلَّهِ } ملكاً وتصرفاً، وإحاطة وشمولاً مظاهر { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } وما بينهما من الكوائن والفواسد { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ } بأعمالهم وأقوالهم { بِمَا عَمِلُواْ } أي: بمقتضى عملهم على مقتضى عدله سبحانه، بلا زيادة ولا نقصان { وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } أيضاً كذلك { بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31] أي: أزيد مما استحقوا بصوالح أعمالهم وحسنات أخلاقهم، تفضلاً عليهم وامتناناً.

والمحسنون هم: { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ } أي: يحترزون عن الآثام الكبيرة، المستجلبة لغضب الله، المستتبعة لعذابه ونكاله في النشأة الأخرى، المستلزمة للحدود والكفارات بحسب الشرع الشريف { وَٱلْفَوَاحِشَ } أي: يحفظون نفوسهم أيضاً عن الفواحش المسقطة للمروءات الجالبة لأنواع النكبات، والوعيدات الهائلة الإلهية المقتضية للخلود في دركات النيران { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } الطارئ عليهم من صغائر الذنوب هفوة، فجبروه بالتوبة دفعة، فإنه معفو عن مجتنبي الكبائر والفواحش، قبل التوبة أيضاً.

وكيف لا يغفر سبحانه لأصحاب اللمم { إِنَّ رَبَّكَ } يا أكمل الرسل { وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } سريع العفو، شامل الرحمة { هُوَ } سبحانه { أَعْلَمُ بِكُمْ } منكم، وبعموم أحوالكم وأطواركم أيها المجبولون على فطرة التكليف، وكيف لا يعلم سبحانه أحوالكم! { إِذْ أَنشَأَكُمْ } وأظهركم { مِّنَ ٱلأَرْضِ } بمقتضى سعة علمه وجوده { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ } لا شعور لكم محبوسون { فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } يعلم سبحانه منكم جميع أحوالكم، وأطواركم وعمو حوائجكم الماضية والآتية، وبالجملة: { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ } ولا تنزهوا وتطهروا { أَنفُسَكُمْ } إذ لا علم لكم بتفاصيل أحوالكم وأعمالكم مطلقاً، بل { هُوَ } سبحانه { أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } [النجم: 32] وحفظ نفسه عن مساخطه سبحانه، واحترز عن منهياته.

السابقالتالي
2