الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } * { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } * { فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } * { وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } * { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } * { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ } * { فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } * { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } * { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ }

وأنتم أيها المنهمكون في الطغيان وأنواع الكفران في سالف الزمان، كنتم نسبتم الوحي والإلهام إلى السحر والأوهام تأملوا الآن: { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } الذي أنتم تطرحون فيها، وتعذبون بها كما زعمتم فيما مضى { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } [الطور: 15] ولا تشعرون بها، كما كنتم لا تشعرون بالآيات الواردة في شأنها حينئذ.

وبالجملة: { ٱصْلَوْهَا } وادخلوا فيها، وبعد دخولكم { فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ } وعلى أي وجه تصيروا وتكونوا، لا مخلص لكم عنها، ولا مخرج لكم منها، بل { سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ } الصبر، وعدمه في عدم النفع والدفع { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الطور: 16] أي: ما تجزون إلا بما كسبتم لأنفسكم، وأعددتم لأجلها، فيلحقكم الآن وبال ما اقترفتم فيما مضى حتماً على مقتضى العدل الإلهي، فلا ينفعكم الصبر والاضطراب.

ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة من تعقيب الوعيد بالوعد: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } المتحفظين نفوسهم عن محارم الله، المتحريزن عن إنكار آيات الله الواردة في الوعيد والوعيد، متلذذون { فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } [الطور: 17] أية جنات وأيُ نعيم: رياض الرضا ونعيم التسليم.

{ فَاكِهِينَ } متنعمين مسرورين فيها، مطمئنين راضين { بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ } بمقتضى فضله وسعة جوده ولطفه { وَ } بما { وَقَاهُمْ } وحفظهم { رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [الطور: 18] أي: أهوالهم وأفزاعها.

فيقال لهم فيها على سبيل التبشير والتفريح: { كُلُواْ } من الرزق الصوري والمعنوي { وَٱشْرَبُواْ } بلا تنقيص وتكليف { هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الطور: 19] أي: بسبب صالحات أعمالكم وحسنات أفعالكم.

{ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ } معدة لهم { مَّصْفُوفَةٍ } منضودة مرتبة وفق أعمالهم وأحوالهم ومقاماتهم.

{ وَ } بعدما تمكنوا على السرر مسرورين { زَوَّجْنَاهُم } وقرناهم استئناساً منا إيامهم { بِحُورٍ عِينٍ } [الطور: 20] مصورة من المعارف والحقائق المنكشفة لهم، المشهودة بعيون بصائهرم.

{ وَ } قرناهم أيضاً مع إخوانهم ورفقائهم من الموحدين { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله، وانكشفوا بتوحيده { وَٱتَّبَعَتْهُمْ } ولحقتهم معهم { ذُرِّيَّتُهُم } أي: جميع ما انشعب، وتفرع منهم من أولادهم وأعمالهم الصادرة عنهم حال كونهم متصفين { بِإِيمَانٍ } يقين علمي وتصديق قلبي وصولهم إلى اليقين العيني والحقي، بل { أَلْحَقْنَا بِهِمْ } أيضاً { ذُرِّيَّتَهُمْ } أي: مشاهداتهم، ومكاشفاتهم الواردة عليهم حسب مقاماتهم وحالاتهم بعد اتصافهم باليقين العيني والحقي.

{ وَ } بالجملة: { مَآ أَلَتْنَاهُمْ } ونقصنا عليهم { مِّنْ عَمَلِهِم } الناشئ منهم في طريق الهداية والرشاد { مِّن شَيْءٍ } نزر يسير، بل وفينا ووفرنا عليهم جزاء الكل مع مزيد عليها تفضلاً منَّا وإحساناً؛ إذ { كُلُّ ٱمْرِىءٍ } ذي هوية شخصية مجبولة لحكمة المعرفة، ومصلحة التوحيد { بِمَا كَسَبَ } من الأسباب { رَهَينٌ } [الطور: 21] مرهون مقرون لا ينفصل عنها.

بل { وَأَمْدَدْنَاهُم } تفضلاً وامتناناً منا إياهم، وتكريماً لهم { بِفَاكِهَةٍ } من المعارف والحقائق الواردة المتجددة آناً فآناً، حسب الشئون الإلهية وتجلياته والجمالية والجلالية { وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } [الطور: 22] أي: يتقوت ويقوى به أشباحهم وأرواحهم.

السابقالتالي
2