الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } * { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } * { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }

ثم قال سبحانه تهديداً على من أعرض عن دينه ونبيه: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ } أي: قبل قومك يا أكمل الرسل { مِّن قَرْنٍ } أي: أهله، مع أنه { هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً } قوة وقدرة، وأكثر أموالاً وأولاداً، كعاد وثمود وفرعون وغيرهم { فَنَقَّبُواْ } أي: انصرفوا وانقبلوا وساروا { فِي ٱلْبِلاَدِ } متمنين { هَلْ } يجدون { مِن مَّحِيصٍ } [ق: 36] مهرب ومخلص من بطش الله وحلول عذابه عليهم، فلم يجدوا بعدما استحقوا التعذيب والإهلاك، وبالآخرة هلكوا واستؤصلوا حتماً، فكذا هؤلاء المسرفون المعاندون سيهلكون كما هلكوا، وبالجملة: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } القرآن العظيم، الذي نزل عليك يا أكمل الرسل { لَذِكْرَىٰ } عظة وتذكيراً وعبرة وتنبيهاً { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } يتفطن من تقلبات الأحوال وتطوراتها إلى شئون الحق وتجلياته الجمالية والجلالية حسب اقتضاء الذات بالإدارة والاختيار، وكمالات الأسماء والصفات { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ } أي: يكون من أرباب الإرادة الصادقة الخالصة عن شوب السمعة ورعونات الرياء، ألقى سمعه إلى استماع كلمة الحق من أهله { وَهُوَ } حينئذ { شَهِيدٌ } [ق: 37] حاضر القلب، فارغ الهم، حديد الفطنة، صحيح الإرادة، خالص العزيمة.

ثم لما قال اليهود: إن الله خلق العالم في ستة أيام من الأسبوع، وبعدما عيّ من الخلق والإيجاد استلقى على العرش في يوم الست للاستراحة، رد الله عليهم فقال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا } وأظهرنا { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من الكائنات الممتزجة منهما { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ } مع ذلك { مَا مَسَّنَا } ولحقنا { مِن لُّغُوبٍ } [ق: 38] وصب وتعب وإعياء وفتور؛ إذ ذاتنا منزهة عن طريان أمثال هذه النقائض الإمكانية.

{ فَٱصْبِرْ } يا أكمل الرسل { عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } وينسبون إلى الله الصمد القدوس من أمثال هذه المفتريات الباطلة، الناشئة من جهلهم المفرط بالله وبمقتضى ألوهيته وربوبيته { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } بمقتضى توحيدك وتمجيدك إياه، ونزِّه ذاته عما يقول الظالمون الجاحدون، الجاهلون بقدره وعلو شأنه، وتوجه نحوه سبحانه في عموم أوقاتك وحالاتك سيما { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } [ق: 39] يعني: كلا طرفي النهار؛ إذ هما أوان الفراغ من مطلق الأشغال.

{ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } في خلال تهجداتك { وَ } بالجملة: سبِّحه { أَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } [ق: 40] أي: عقب كل صلاة ذات ركوع وسجود.

ثم قال سبحانه آمراً لحبيبه صلى الله عليه وسلم { وَٱسْتَمِعْ } يا أكمل الرسل النداء والهائل { يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } من قب الحق؛ لقيام الساعة والبعث { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [ق: 41] بكل أحد، بحيث يسمعه بلاك كلفة وشبهة، فيقول: أيتها العظام البالية واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن للحساب والجزاء.

{ يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ } النفخة الثانية ملبسة { بِٱلْحَقِّ } تحققوا حنيئذٍ أن { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } [ق: 42] من القبور والبعث والنشور،

وبالجملة: { إِنَّا } من كمال قدرتنا وحكمتنا { نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ } في النشأة الأولى بالإدارة { وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } [ق: 43] أي: مصير الكل ومرجعهم إلينا في النشأة الأخرى.

السابقالتالي
2