الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } * { وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

{ وَ } بالجملة { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ } وأظهرناه من كتم العدم { وَ } نحن { نَعْلَمُ } منه حنيئذ { مَا تُوَسْوِسُ } وتحدث { بِهِ نَفْسُهُ } وتخطر بباله الآن من أمثال هذه الأوهام والخيالات الباطلة، والمترتبة على حصة ناسوته، المقيدة بسلاسلا الرسوم وأغلال العادات الموروثة له من العقل الفضول، الممتزج بالوهم بسلاسل الرسوم وأغلال العادات الموروثة له من العقل الفضول، الممتزج بالوهم الجهول { وَ } كيف لا نعم من هواجس نفسه؛ إذ { نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } [ق: 16] أي: وريده، وهو مثل من القرب المفرط، كما قال: الموت أدنى لي من الوريد، وإضافة الحبل إليه للبيان، وبالجلمة: نحن أقرب إليه منه.

الوريدان: هما العرقان المنبثان من مقدم الرأس، المتنازلان من طرفي العنق، المتلاصقان عند القفا، المنتهيان إلى آخر البدن، وهما قوام البدن ومداره عليهما؛ إذ هما أقوى عالم هيكل الإنسان.

وبالجملة: نحن حسب روحنا المنفوخ فيه من عالم اللاهوت أقرب إليه من ناسوته، لا على توهم المساففةن ولا على طريق التركب والاتحاد والحلول والامتزاج، بل على وجه الظلية والانعكاس، ومع غاية قرب الحق إليه وكمال إحاطته إياه، وكَّل عليه الحفظة من الملائكة؛ ليراقبوا أحواله إلزاماً للحجة عليه لدى الحاجة يوم القيامة.

اذكر يا أكمل الرسل: { إِذْ يَتَلَقَّى } ويتحفظ { ٱلْمُتَلَقِّيَانِ } الموكلان عليه { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } [ق: 17] أي: قاعد كل من الموكلين عن يمنه وشماله، مترقبين على أحواله وأعماله وأقواله، بحيث { مَّا يَلْفِظُ } ويتلفظ { مِن قَوْلٍ } يرميه من فيه { إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ } حفيظ عليه { عَتِيدٌ } [ق: 18] مهيأ، معد، حاضر عنده، غير مغيب على وجه لا يفوت عنه شيئاً من ملتقطاته.

{ وَ } هما يحفظانه ويرقبان عليه وقت؛ إذ { جَاءَتْ } وحضرت { سَكْرَةُ الْمَوْتِ } شدته وغمراته { بِالْحَقِّ } والحقيقة وظهرت علاماته، وانكشفت عليه أهواله وأماراته، قيل له حينئذ من قبل الحق: { ذَلِكَ } أي: الموت الذي ينزل عليك الآن { مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } [ق: 19] أي: الموت الذي أنت تميل، وتفر عنه فيما مضى.

{ وَ } بعدما ذاق مرارة العذاب وقت سكرات الموت { نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } للبعث والحشر، فإذا هو حينئذٍ قائم، هائم ينظر، قيل له من قبل الحق على سبيل التهويل: ألست تنظر وتتحير يا مسكين؟! { ذَلِكَ } اليوم الذي أنت فيه الآن { يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } [ق: 20] الموعود لك في دار الدنيا، وأنت حينئذ لم تؤمن به ولم تخف من أهواله حتى وقعت فيه، وذقت من عذابه.

{ وَ } بعدما بعث الأموات من أجداثهم للحشر والجزاء { جَآءَتْ } وحضرت { كُلُّ نَفْسٍ } من النفوس الطيبة والخبيثة { مَّعَهَا سَآئِقٌ } موكل، يسوقها إلى المحشر للعرض والجزاء { وَشَهِيدٌ } [ق: 21] من حفظة أعمالها وأحوالها، يشهد لها وعليها.

وبعدما حضر كل منهم بين يدي الله، قيل لكل منهم من قِبل الحق على سبيل الخطاب والعتاب: { لَّقَدْ كُنتَ } أيها المغرور { فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } اليوم، وانكسار عظيم من وقوعه؛ لذلك كذبت بالرسل والكتب، واستهزأت بالهداة الثقات، واستكبرت عليهم { فَكَشَفْنَا } اليوم { عَنكَ غِطَآءَكَ } الذي هو سبب غفلتك وإنكارك، وتعاميك عن الآيات والنذر، وهو ألفك بالمحسوسات العادية وإنكارك على الأمور الغيبية الخارجة عن حيازة حواسك وقواك { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق: 22] أي: صار بصرك بعد انكشافك بهذا اليوم حاداً حديداً نافذاً، إلا أنه لا ينفعك حينئذ حدة بصرك واكشافك بعد انقراض نشأة الاختبار والاعتبار.

السابقالتالي
2 3