الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ }

ثم أقسم هابيل بعدما أوعده قابيل القتل: والله { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ } من إفراط غيظك وغضبك، وشؤم إمارة نفسك { لِتَقْتُلَنِي } ظلماً بلا رخصة شرعية، بل محض عناد ومكابرة { مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ } لدفع صولتك عن نفسي، أو { لأَقْتُلَكَ } على مقتضى أمارتي { إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [المائدة: 28] من تخريب؛ لمجرد دفع الصائل ولا أخاف على نفسي من القتل؛ إذا الشهداء المقتولون ظلماً أحياء عند ربهم يُرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله.

{ إِنِّيۤ } من غاية إشافقي وإعطافي معك يا أخي { أُرِيدُ أَن تَبُوءَ } أي: لأن تذهب وترجع إلى الله { بِإِثْمِي } أي: بإثمك المنسوب إلى قتلي { وَإِثْمِكَ } الذي كنت فيه { فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } عند الله بهذا الظلم { وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } [المائدة: 29] عنده.

{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } أي: هيَّجت حسده إلى أن طوعت، وأرضت نفسه { قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ } ظلماً بلا مدافعة منه كما شرط، فندم دفعة { فَأَصْبَحَ } وصار { مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [المائدة: 30] خسارناً عظيماً في الدنيا والآخرة، فتحيَّر في دفعه وإخفائه، إذ لا يموت أحد من بني آدم إلى ذلك الوقت، فحمله على عاتقه، وسار معه إلى حين أروح وأنتن.

{ فَبَعَثَ ٱللَّهُ } إعلاماً له { غُرَاباً } فقتل غراباً من جنسه أراد أن يدفعه { يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ } بمنقاره ورجله { لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي } ويستر { سَوْءَةَ أَخِيهِ } أي: جثته وجسده التي يسوء { قَالَ } قابيل محتسراً، متحزناً، قلقاً، حائراً: { يَاوَيْلَتَا } يا هلكتي أحضري { أَعَجَزْتُ } وعلزت عن مقتضى العقل، وعن الاهتداء به إلى حيث { أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ } المتعزل عن العقل والإدراك، بل متابعاً له، متلمذاً منه { فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } [المائدة: 31] ندامة مؤبدة بحيث لا يضحك مدة حياته أصلاً وعاش مدة مائة سنة، واسودَّ لونه إلى حيث لم يُعرف.