الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } * { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } * { وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً }

{ قُل } يا أكمل الرسل { لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ } بعدما أيسوا من الخروج إلى خيبر: { سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ } غزوة { قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } وشوكة عظيمة { تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } أي: مآل أمرهم إمَّا القتل وعزته، وإمَّا الإسلام لا غير { فَإِن تُطِيعُواْ } حنيئذٍ، ولم تتخلفوا كما تخلفتم يوم الحديبية { يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ } المطلع بنياتكم { أَجْراً حَسَناً } في الدنيا والآخرة { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ } وتنصرفوا { كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ } يوم الحديبية { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [الفتح: 16] لتضاعف جرمكم، وشدة شقاقكم ونفاقكم.

ثم أخذ سبحانه في تعداد ما يرخص لهم التخلف والقعود على سبيل الاضطرار فقال: { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } أي: ليس لهؤلاء وزر مؤاخذة إن تخلفوا عن القتال بأمثال هذه الأعذار إن كانوا من أهل الطاعة والإيمان { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } على وجه الإخلاص والوفاق بلا بطانة ونفاق { يُدْخِلْهُ } سبحانه بمقتضى فضله وسعة رحمته وجوده { جَنَّٰتٍ } منتزهات الكشوف والشهود { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ } من المعارف والحقائق المتجددة بتجددات التجليات الإلهية، المنتشئة من النفسات الرحمانية { وَمَن يَتَوَلَّ } أي: يعرض وينصرف عن مقتضى العدالة الإلهية بمتابعة الآراء الفاسدة والأهوية الباطلة { يُعَذِّبْهُ } بمقتضى قهره { عَذَاباً أَلِيماً } [الفتح: 17] في نيران الإمكان، لا عذاب أشد إيلاماً منه.

ثم قال سبحانه على وجه التحريض والترغيب للمؤمنين: { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المخلصين في الإطاعة والانقياد { إِذْ يُبَايِعُونَكَ } يا أكمل الرسل { تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } يوم الحديبية بيعة الرضوان، والشجرة هي: السمرة أو السدرة { فَعَلِمَ } سبحانه بعلمه الحضوري { مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الرغبة والإخلاص { فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ } أي: الطمأنينة والوقار { عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ } بعدما أيسوا عن فتح مكة، ورجعوا من الحديبية { فَتْحاً قَرِيباً } [الفتح: 18] هو فتح خيبر بعد رجوعهم منها.

{ وَ } رزق لهم خاصة { مَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } من خيبر بعد غنائم مكة { وَ } بالجملة: { كَان ٱللَّهُ } المراقب لأحوال عباده { عَزِيزاً } غالباً على عموم مقدوراته { حَكِيماً } [الفتح: 19] مراعياً مقتضى الحكمة البالغة.

إنه { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ } أيها المؤمنون المخلصون في إطاعة الله ورسوله { مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } من أيدي الكفرة إلى قيام الساعة؛ إذ يظهر دينكم على الأديان كلها { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } غنائم خيبر { وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } أي: أهل خيبر وأوليائهم، وكفى مؤنة عموم من قصد السوء على أموالكم وذراريكم { وَ } إنما فعل بكم سبحانه ذلك { لِتَكُونَ } هذه الكفة والغنيمة { آيَةً } علامة وأمارة { لِّلْمُؤْمِنِينَ } الذين يأتون بعدكم، ويقتفون أثركم بأن المؤمن المخلص في جوار الله وكنف حفظه وحضانته { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [الفتح: 20] هو لثقة بالله وبكرامته ونصره لأوليائه.

{ وَ } كذا عجل لكم عناية من الله إياكم مغانم { أُخْرَىٰ } مع أنكم { لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } لشوكة الأعداء وكثرة عددهم وعددهم، بل فررتم أنتم منهم مراراً { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } وأباحها عليكم بالنصر والغلبة عليهم مع أنكم خائفون وجلون منهم، وهي مغانم هوازن وفارس { وَ } بالجملة: { كَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } دخل في حيطة علمه وإرادته { قَدِيراً } [الفتح: 21] لا يعجز عنه ولا يفتر دونه؛ إذ القدرة من جملة الأوصاف الغالبة الذاتية الإلهية، التي لا تفتر به ولا تضعف بحال.

السابقالتالي
2