الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

وبعدما سمعوا منه ما سمعوا من التوحيد { قَالُوۤاْ } له متهكمين معه مشنعين عليه { أَجِئْتَنَا } مدعياً ملتزماً { لِتَأْفِكَنَا } وتصرفنا { عَنْ آلِهَتِنَا } أي: عن عبادتهم وإطاعتهم، ونؤمن بك وبإلهك، وبالجملة: لا نؤمن بك ولا نصدقك في قولك { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } وتخوفنا من العذاب على الشرك الآن { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [الأحقاف: 22] في دعواك أنه آت لا محالة.

وبعدما استهزؤوا معه واستعجلوا بالعذاب الموعود { قَالَ } هود: إني أعلم بمقتضى الوحي الإلهي أنه آت، ولا أعلم متى يأتي؛ إذ لم يوح إلى وقت إتيانه بل { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ } بوقت نزوله { عِندَ ٱللَّهِ } المطلع على عموم الغيوب { وَ } إنما { أُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ } وأمرت بتبليغه من عنده؛ إذ ما على الرسول إلا البلاغ { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ } بسبب إعراضكم عن الحق وأهله وإصراركم على الشرك الباطل والضلال والزائل { قَوْماً تَجْهَلُونَ } [الأحقاف: 23] عن كمال عظمة الله وعزته، ومن مقتضيات قوته وقدرته.

وبالجملة: قال هود عليه السلام ما قال، وهم كانوا على شركهم وإصرارهم كما كانوا { فَلَمَّا رَأَوْهُ } يوماً من الأيام { عَارِضاً } سحاباً ذا عرض على الأفق { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي: متوجهاً لأمكنتهم التي كانوا متوطنين فيها، وكانوا حينئذ، قد حبس عليهم القطر، فلما رأوها حينئذ { قَالُواْ } فرحين مستبشرين: { هَـٰذَا عَارِضٌ } مبارك توجه نحو بلادنا هو { مُّمْطِرُنَا } مطراً عظيماً، وهم استدلوا بسواده إلى كثرة مائه، وبعدما استبشروا في ما بينهم، قال هود: { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ } واستبشرتهم باستقباله { رِيحٌ } عاصفة لا راحة فيها بل { فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الأحقاف: 24] لا عذاب أشد منه.

إذ { تُدَمِّرُ } وتهلك { كُلَّ شَيْءٍ } ذي حياة { بِأَمْرِ رَبِّهَا } وبمقتضى مشيئته، وبعدما وصلت الريح دمرتهم تدميراً إلى حيث استأصلهم { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ } منهم { إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } أي: سوى دورهم الخربة وأطلالهم المندرسة، وليس هذا مخصوصاً بهم بل { كَذَلِكَ نَجْزِي } عموم { ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [الأحقاف: 25] الخاريجن عن ربقة عبوديتنا بارتكاب الجرائم والآثام.