الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

{ أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المولعون على شكر نعم الله وأداء حقوق الوالدين، وحسن المعاشرة معهما، والإحسان إليهما، هم { ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ } التفسير جرى على قراءة ابن عامر ونافع مغيرهما: " يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن... الآية " ، ولكن سياق " ويتجاوز " سبحانه لا تدل إلا على قراءة المطوعي - بفتح الياء - وهي قراءة شاذة ولكنها تذكر ضمن القراءات الأربع عشرة " يتقبل عنهم " بقبلو حسن { أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } مخلصين فيه، طالبين رضاء الله، مجتنبين عن سخطه { وَنَتَجَاوَزُ } ويتجاوز سبحانه { عَن سَيِّئَاتِهِمْ } بعدما تابوا، ورجعوا نحوه نادمين، وهم { فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ } ومعهم، آمنون فائزون لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، إنجازاً لما وعد لهم الحق { وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } [الأحقاف: 16] في النشأة الأولى.

وبعدما وصى سبحانه بما وصى من رعاية حقوق الوالدين، وما يترتب عليها من الفوز العظيم عقبه بضده، وهو عقوق الوالدين، وما يترتب عليها من العذاب الأليم فقال: { وَٱلَّذِي } أي: والمسرف المتناهي الذي { قَالَ لِوَالِدَيْهِ } من فرط سرفه وعصيانه وشدة عقوقه عليهما حين دعواه إلى الإيمان والتوحيد، واجتهد أن يخلصاه من ظلمة الشرك والتقليد، وعن أهوال يوم القيامة وأفراغها: { أُفٍّ } أي: أتضجر { لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ } وتخوفانني من العذاب والنكال بعد أن { أُخْرَجَ } من قبري حيّاً { وَ } الحال أنه { قَدْ خَلَتِ } ومضت { ٱلْقُرُونُ } الماضية { مِن قَبْلِي } ولم يخرج أحد منهم من قبره حيّاًن فإنَّا أيضاً لا أخرج أمثالهم، والحال أنه هو يصر على هذا { وَهُمَا } من مال تحننهما وترحمهما { يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } ويطلبان الغوث والتوفيق منه سبحانه لأجل إيمانه قائلين له على وجه المبالغة في التخويف: { وَيْلَكَ } أي: ويل وهلاك ينزل عليك أيها المسرف لو لم تؤمن { آمِنْ } بالله، وبجميع ما جاء من عنده في النشأة الأولى والأخرى أن { وَعْدَ ٱللَّهِ } بعموم المواعيد والوعيدات الصادرة منه سبحانه على ألسنة رسله وكتبه { حَقٌّ } لا خلف فيه، سينجزه الله القادر المقتدر على وجوه الانتقام والإنعام { فَيَقُولُ } بعدما سمع منهما ما سمع من شدة إصراره وإنكاره: { مَا هَـٰذَآ } الذي جئتما به على سبيل العظة والتذكير { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [الأحقاف: 17] أي: أباطليهم الزائغة، لمجرد الترغيب والترهيب.

وبالجملة: { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون عن ساحة عز القبول هم { ٱلَّذِينَ حَقَّ } أي: ثبت وتحقق { عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } والحكم من الله المطلع بما في صدور عباده من الغل والغواية، بأنهم أصحاب النار المعدودون { فِيۤ } زمرة { أُمَمٍ } هالكة مستحقة لعذاب { قَدْ خَلَتْ } ومضت { مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } أي: من جنسهما، وبالجملة: { إِنَّهُمْ } بأجمعهم { كَانُواْ خَاسِرِينَ } [الأحقاف: 18] مضيعين على أنفسهم كرامة مرتبة الخلاقة والنيابة الإلهية الموعودة في النشأة الإنسانية.

{ وَ } اعلما أن { لِكُلٍّ } من المحقين والمبطلين { دَرَجَٰتٌ } من الثواب والعقاب متفاوتة شدةً وضعفاً، ورفعةً ودناءةً، منتشئة { مِّمَّا عَمِلُواْ } مترتبة عليه خيراً كان أو شراً، حسنات أو سيئات { وَ } كل منهم متعلق بعمله، يشاكل عليه { لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ } ويوفى عليهم جزاءهم المترتب عليها درجات أو دركات { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [الأحقاف: 19] بالزيادة والنقصان على أجور ما كسبوا.