الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَ } من نهاية جهلهم وغفلتهم عن الله وعن مقتضى ألوهيته وربوبيته { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا } الدالة على كمال تربيتنا إياهم مع كونها { بَيِّنَاتٍ } مبينات لهم طريق الهداية والرشاد، منبهات لهم إلى معياد المعاد { مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ } حين سمعوها { إِلاَّ أَن قَالُواْ } على سبيل الإنكار والاستبعاد { ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ } وأسلافنا الذين مضوا وانقرضوا أحياء كما كانوا { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الجاثية: 25] في دعوى الحشر والنشر والميعاد الجسماني.

وبعدما أعرضوا عن الحق وانصرفوا عن الآيات البينات، وتشبثوا بأمثال هذه الحجج الواهية: { قُلِ } لهم يا أكمل الرسل كلاماً يحرك سلسلة حميتهم الفطرية، ومحبتهم الجبلية لو ساعدهم التوفيق والعناية من عندنا: { ٱللَّهُ } المظهر للكل، المحيط به، المتصرف فيه على الإطلاق بالاختيار والاستحقاق { يُحْيِيكُمْ } ويبعثكم في النشأة الأخرى كما أوجدكم وأظهركم من كتم العدم أولاً في النشأة الأولى، يبسط ظله عليكم { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } ويعدمكم بقبضه عنكم { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ } أي: أنتم ومن انقرض من آبائكم { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } الذي { لاَ رَيْبَ فِيهِ } وفي وقوع ما فيه من الحساب والجزاء والسؤال والصراط والجنة والنار وسائر المعتقدات الأخروية { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } المجبولين على الكفران والنسيان { لاَ يَعْلَمُونَ } [الجاثية: 26] وقوعه وقيامه، بل ينكرون عليه لاعتيادهم بالأمور الحسية، وقصورهم عن مدركات الكشف والشهود.

{ وَ } كيف ينكرون جمع الله عباده في النشأة الأخرى؛ إذ { لِلَّهِ } المتوحد في الألوهية والربوبية { مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } وملكوتهما، وله التصرف المطابق في ملكه وملكوته بالاستقلال، إرادة واختياراً { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ } المعدة للحشر والجزاء { يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } [الجاثية: 27] المنكرون حين يشهدون ربح المحقين المؤمنين بقيام الساعة، وبحقية جميع ما فيها من الوعد والوعيد.

{ وَتَرَىٰ } أيها المعتبر الرائي حين تقوم الساعة ويحشر الناس إلى الحشر للحساب { كُلَّ أُمَّةٍ } من الأمم { جَاثِيَةً } أي: كل فرد من أفراد الأمم { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } بين يدي الله إلى صحيفة أعمالها التي كتب فيها جميع أحوالها وأفعالها الكائنة الحاصلة منها في النشأة الأولى، فيقال لهم حينئذ: { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ } كل منكم { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجاثية: 28] في نشأتكم الأولى، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

وبالجملة: { هَـٰذَا كِتَابُنَا } الذي فصلنا فيه أعمال كل منكم { يَنطِقُ عَلَيْكُم } وذكركم { بِٱلْحَقِّ } على الوجه الذي صدر عنكم بلا زيادة ولا نقصان { إِنَّا } بعدما كلفناكم على امتثال أوامرنا، والاجتناب عما نهيناكم عنه { كُنَّا نَسْتَنسِخُ } ونأمر الملائكة الموكلين عليكم، المراقبين لأحوالكم وأعمالكم أن يكتبوا جميع { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجاثية: 29] أي: أعمالكم حسناتها وسيئاتها، صغائرها وكبائرها.