الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى ٱلْعَالَمينَ } * { وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

كما أخبر سبحانه حكاية عن ضلال بني إسرائيل وانحرافهم عن سواء السبيل: { وَلَقَدْ آتَيْنَا } بمقتضى فضلنا وجودنا { بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } أي: التوراة المبينة لهم طريق الهداية والرشاد { وَٱلْحُكْمَ } أي: الحكمة المنبئة عن العدالة الإلهية في قطع الخصومات { وَٱلنُّبُوَّةَ } أذ أكثر الأنبياء بعث منهم وإليهم { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي: الرزق الصوري والمعنوي { وَ } بالجملة { فَضَّلْنَاهُمْ } بإفاضة النعم الجليلة عليهم { عَلَى ٱلْعَالَمينَ } [الجاثية: 16] من أهل عصرهم.

{ وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ } دلائل مبينات منبهات موضحات { مِّنَ ٱلأَمْرِ } أي: التوحيد الذاتي الذي أنت يأ أكمل الرسل تبعث عليه وعلى تبيينه، وبالجملة: { فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ } في شأنك أي: { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } القطع في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم بأنك وكتابك ودينك يا أكمل الرسل على الحق، وما أنكروا لك إلا { بَغْياً } وطغياناً ناشئاً بينهم حسداً وعدواناً بلا مستند عقلي أو نقلي، فاصبر يا أكمل الرسل على مضضهم، وغيظهم { بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ } الذي اصطفاك بكرامته، واجتباك لرسالته { يَقْضِي } ويحكم { بِيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الجاثية: 17] يعني: في شأنك ودينك وكتابك، بعدما عرفوا صدقك وحقية كتابك بالدلائل العقلية والنقلية بأنواع المؤاخذة والمجازاة.

{ ثُمَّ } اعلم يا أكمل الرسل إنا من مقام فضلنا وجودنا { جَعَلْنَاكَ } تابعاً مقتدياً مقتفياً { عَلَىٰ شَرِيعَةٍ } وطريقة منبئة موضحة { مِّنَ ٱلأَمْرِ } الذي أنت تظهر عليه، وأتيت لتنبيهه، ألا وهي الحقيقة التي هي عبارة عن الوحدة الذاتية الإلهية { فَٱتَّبِعْهَا } أي: الشريعة الموصلة إلى الحقيقة بالعزيمة الخالصة { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الجاثية: 18] فكيف ينكشفون بسرائرها وحكمها، ولا تقبل منهم أباطيلهم الناشئة وآراءهم الفاسدة وأحلامهم السخيفة الكاسدة.

وبالجملة: { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ } غضب { ٱللَّهِ شَيْئاً } إن تعلقت مشيئته بطردك ومقتك بسبب موالاتهم ومتابعتهم { وَ } بالجملة: { إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } الخارجين عن مقتضى الحدود والإلهية، المنحرفين عن جادة العدالة الفطرية { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } لكمال مناسبتهم وموالاتهم؛ إذ الجنسية علة الانضمام وعلامة الالتئام بينهم، فعليك الإعراض والانصراف عنهم وعن موالاتهم { وَٱللَّهُ } المطلع على عموم ما في ضمائر عباده { وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ } [الجاثية: 19] الذين يتقون عن محارم الله، ويوالون ألوياء الله لله وفي الله.

{ هَـٰذَا } الذي ذكر في كتابك من الأخلاق المرضية، والمنبهة على القسط الحقيقي والعدل الإلهي { بَصَائِرُ لِلنَّاسِ } يبصرهم طريق الهداية، ويوصلهم إلى التوحيد الذاتي، إن استقاموا عليها بالعزيمة الصادقة الصحيحة { وَهُدًى } يهديهم إلى سواء السبيل { وَرَحْمَةٌ } نازلة من قبل الحق { لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [الجاثية: 20] يوفقون للإيمان والإيقان والكشف والعيان.