الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }

وكيف تكفرون أيها الجاحدون المسرفون بآيات المنعم المفضل الكريم مع أنه: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ } وسهل عليكم العبور عنه بأن جعله أملس مستوي السطح، ساكناً على هيئته { لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ } أي: بمقتضى تسخيره وحكمه { وَ } أنتم تركبون عليها { لِتَبْتَغُواْ } وتطلبوا { مِن فَضْلِهِ } بالتجارة والاصطياد والغوص، وغير ذلك من الأغراض { وَ } إنما سخر وسهل { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [الجاثية: 12] نعمه، وتواظبون على أداء حقوق كرمه.

{ وَ } بالجملة: { سَخَّرَ لَكُمْ } وهيأ لتربيتكم وتدبير معاشكم مظاهر { مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } إذ أنتم زبدة الكائنات، وخلاصة الموجودات كل ذلك لكم منتشئة منه سبحانه، مستندة إليه أولاً وبالذات، فعليكم ألا تسندوها إلى الوسائل والأسباب العادية { مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الجاثية: 13] في آلاء الله، وسوابغ نعمائه، وكيفية ظهور العالم منه سبحانه وصدروه عنه، وارتباطه له.

ثم قال سبحانه على سبيل العظة والتذكير: { قُل } يا أكمل الرسل نيابة عنها: { لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ } تذكره للمؤمنين وتهذيباً لأخلاقهم: اغفروا واصفحوا واعفوا سيما المسيئين؛ ليكون العفو والغفران ديدنة راسخة في نفوسكم حتى { يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ } أي: للكافرين الذين { لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } أي: انعكاس الدول وتقبلها عليهم، اغتراراً لما عندهم من الثروة والجاه، وإنما أمر سبحانه المؤمنين بالصفح والعفو عن المسيء { لِيَجْزِيَ } سبحانه جزاء حسناً { قَوْماً } من المتخلقين بالعفو عند المقدرة، وكظم الغيظ عند الغضب { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [الجاثية: 14] من الإحسان بدل الإساءة؛ لأن { مَنْ عَمِلَ } عملاً { صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ } أي: يعود نفعه إليه { وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } وبال إساءته { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [الجاثية: 15] جميعاً، يحاسبكم على أعمالكم، ويجازيكم بمقتضاها، لكن ما أخذ الله سبحانه عباده إلا بعد أن يرسل عليهم رسلاً مبشرين ومنذرين وينزل عليهم كتباً مبينةً طريق الهداية والرشاد، فإن اهتدوا فقد فازا بصلاح الدارين وإن اعتدووا فقد ظلوا عن سواء السبيل، واستحقوا بالعذاب الأليم.