الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } * { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } * { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

ثم لما أوضح سبحاه تفضيح حال المجرمين المكذبين لرسول الله قال: { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ } المسرفين المكذبين لك يا أكمل الرسل يعني: قريشاً خذلهم الله { لَيَقُولُونَ } [الدخان: 34] من غاية إنكارهم بقدرة الله، وبما أخبر بنه الرسول، ونطق به الكتاب: { إِنْ هِيَ } أي: ما الموتة التي تعرض لنا { إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ } التي طرأ علينا في دار الدنيا وأزال حياتنا عنا { وَ } بالجملة { مَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } [الدخان: 35] مبعوثين من قبورنا أحياء، ثم نحشرهم للحساب الجزاء كما زعمتم أيها المفترون الكاذبون.

وإن أردتم تصديقنا إياكم في هذه الدعوى { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا } الذين انقرضوا عن الدنيا أحياء { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الدخان: 36] في دعواكم، إنما قالوا ما قالوا تهكماً واستهزاء.

وبعدما أصروا على عنادهم وبالغوا في إنكارهم، رد الله عليهم على أبلغ وجه وآكده بقوله مستفهما على سبيل التقريع والتوبيخ: { أَهُمْ } يعني: قريشاً { خَيْرٌ } مالاً وجاهاً، وثروة وسيادة { أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } اسم لمن ملك الحمير، ككسرى لملوك فارس، وقيصر لملوك الروم، والمراد: أبو كريب سعيد بن منبل، آمن بنبينا قبل بعثته، فتنحى عن قومه، معللين أنك قد تركت ديننا، فأخذهم الله بجرمهم هذا، وأهلكهم { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من الأمم الهالكة كعاد وثمود { أَهْلَكْنَاهُمْ } مع شدة قوتهم وبسطتهم وكثرة شوكتهم { إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } [الدخان: 37] بالجرائم العيظمة الموجبة للمقت والهلاك، أمثال جرائمكم أيها المجرمون المسرفون.

{ وَ } بالجملة: { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من الممتزجات { لَـٰعِبِينَ } [الدخان: 38] عابثين بلا طائل { مَا خَلَقْنَاهُمَآ } وأظهرناها على هذا النمط البديع والنظام العجيب المشتمل على أنواع التغيرات من الكائنات والفاسدات { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } ليستدلوا بها على وحدة ذاتنا، وكمال علمنا وقدرتنا، ومتانة حكمتنا وحكمنا واستقلالنا في تدبيراتنا وتصرفاتنا في ملكنا وملوكتنا { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } لقصور نظرهم عن إدراك الحكم والأسرار { لاَ يَعْلَمُونَ } [الدخان: 39] ولا يشعرون إلا بالمحسوسات العادية، أولئك القاصرون عن النظر والاستدلال، القانعون باللذات الهيمية من هذا العجيب كالأنعام بل هم أضل سبيلاً وأسوأ حالاً منها.

اذكر لهم يا أكمل الرسل: { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ } الذي يمتاز فيه المحق عن المبطل والهادي المهتدى عن الضال المضل { مِيقَاتُهُمْ } وموعد جزائهم وقطع خصوماتهم { أَجْمَعِينَ } [الدخان: 40] فيجزى كل منهم حسب ما حوسب، أن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

{ يَوْمَ لاَ يُغْنِي } لا يدفع ولا يرفع { مَوْلًى عَن مَّوْلًى } قرابة عن قرابة { شَيْئاً } من الإغناء والدفع مما كتب له من الجزاء ثواباً كان أو عقاباً { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [الدخان: 41] بعضهم ببعض على سبيل المظاهرة والمعاونة { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ } بمقتضى فضله وجوده، أو قبل شفاعة أحد من حق أحد عناية منه وعفواً { إِنَّهُ } سبحانه { هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على عموم مرادته ومقدوراته { ٱلرَّحِيمُ } [الدخان: 42] المشفق على عباده عند إنابتهم ورجوعهم نحوه، يقبل توبتهم ويعفو زلتهم.