الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } * { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } * { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ }

وبعدما هلكوا { كَمْ تَرَكُواْ } أي: كثيراً تركوا { مِن جَنَّاتٍ } منتزهات { وَعُيُونٍ } [الدخان: 25] جاريات فيها { وَزُرُوعٍ } كثيرة في حواليها { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } [الدخان: 26] أي: محافل مزينة ومنازل حسنة في خلالها { وَنَعْمَةٍ } أي: أسباب تنعم وترفه من الأمتعة والنسوان { كَانُواْ فِيهَا } أي: في تلك الجنات { فَاكِهِينَ } [الدخان: 27] متنعمين مترفهين، كذلك فعلنا بهم معهم من كمال قدرتنا، بعدما أردنا إهلاكهم وانتقامهم بسبب تكذيبهم واستكبارهم على رسولنا، وهكذا نفعل مع كل مكذب متكبر، لا يؤمن بيوم الحساب.

{ كَذَلِكَ } بعدما تركوا الكل على ما كان وهلكوا { وَأَوْرَثْنَاهَا } أي: تلك الجنات وما يتفرع عليها من المستلذات المتروكات { قَوْماً آخَرِينَ } [الدخان: 28] لا قرابة بينهم نسبياً وديناً، وهم بنو إسرائيل، وبعدما هلكوا واستؤصلوا.

{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } أي: لم تكترثا، ولم تعتدا بهلاكهم واستئصالهم أصلاً، مثل اعتدادهما لهلاك المؤمنين وفقدهم، قال صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد مؤمن إلا له في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله فإذا فقداه وبكيا عليه ".

وعن المرتضى الأكبر كرم الله وجهه: إذ مات المؤمن بكى عليه مصله من الأرض ومصعد عمله من السماء، قال السدي: لما قتل الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بكت عليه السماء، وبكاؤها عبارة عن حمرة أطرافها.

{ وَ } هم من غاية انهماكهم في الغي والضلال واستئصالهم بالمقت والهلاك { مَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } [الدخان: 29] ممهلين مؤخرين إلى وقت آخر، بل أخذتهم العزة بإثمهم حيث لا يمهلهم ولا يسوف عليهم ساعة.

{ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } [الدخان: 30] وهو استبعادهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم استذلاً لا لهم واستهانة عليهم، وإنما نجيناهم كرامة من إياهم وامتناناً عليهم، وكيف لا يهينهم العذاب النازل عليهم.

{ مِن فِرْعَوْنَ } الطاغي المتجبر المتكبر على الأرض { إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ } عموم { ٱلْمُسْرِفِينَ } [الدخان: 31] في عصره، متبالغاً في العتو والعناد، والغلبة على العباد أقصى غايته، وبالجملة: لقد أخترناهم أي: بني إسرائيل واصطفيناهم من بين سائر الأمم المعاصرين معهم على علم متعلق منا أنهم أحقاء بالرئاسة والسيادة وأنواع الثروة والجاه على العالمين؛ لكثرة ظهور الأنبياء والرسل فيهم ومنهم وبعد { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } [الدخان: 32] بعدما اخترناهم.

{ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ } العظام الدالة على كمال اختصاصهم بمزيد الشرف والكرامة { مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ } [الدخان: 33] ظاهر، نختبر به إخلاصهم ورسوخهم على الإيمان.