الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } * { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } * { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ }

{ وَ } مع ذلك لم يرجعوا بل { قَالُواْ } عند نزول البلاء وهجوم العناء مسترجعين نحوه، منهمكين معه: { يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ } الماهر في السحر { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } الذي زعمت ألا منزل للمصيبة سواه، ولا كاشف أيضاً إلا هو { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } أي: بمقتضى ما وعد لك وعهد معك ألا يعذب من آمن بك وصدقك، فإنن انكشف الضر عنَّا بدعائك { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } [الزخرف: 49] بهدايتك مؤمنون لك، مصدقون بنبوتك ورسالتك، وبجميع ما دعوتنا إليه.

{ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ } بعد دعاء الأنبياء والرسل وتضرعهم نحونا، راجين منَّا العفو والتجاوز { إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } [الزخرف: 50] أي: فاجؤوا على نقض ما عهدوا، مبادرين على الإنكار والعناد بلا تراخ وتأخير.

{ وَ } من كمال عتو فرعون ونهاية عناده واستكباره { نَادَىٰ فِرْعَوْنُ } بنفسه يوماً من الأيام حين كان { فِي } مجمع { قَوْمِهِ } مباهياً بما عنده من الجاه وسعة المملكة؛ حيث { قَالَ يٰقَوْمِ } ناداهم؛ ليسمعوا منه ويصغوا إليه سمع قبول { أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ } مع كمال وسعته وكثرة مملكته { وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ } الثلاثة المنشبعة من النيل؛ هي نهر طولون، ونهر دمياط، ونهر نفيس { تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } أي: تحت تصرفي وملكي { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } [الزخرف: 51] أيها المجبولون على البصارة.

{ أَمْ أَنَآ } أي: بل أنا { خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا } الساحر المدعي { ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ } رذيل مهان، لا عزة له ولا مقدار { وَ } مع رذالته وسفالته { لاَ يَكَادُ يُبِينُ } [الزخرف: 52] يظهر ويعرب كلامه للكنة في لسانه.

{ فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ } أي: فلو كان مؤيداً من عند الله، ومكرماً لديه كما زعم، هلا أُلقي عليه أسورة { مِّن ذَهَبٍ } تدل على عزته وكرامته عنده وسيادته عند الناس؛ إذ العادة حينئذ أن أهل الرئاسة والسيادة يُسورون ويطوفون بأسورة من ذهب { أَوْ } هلا { جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } من عند ربه { مُقْتَرِنِينَ } [الزخرف: 53] معه مجتمعين، يعينونه فيما يعنيه.

وبالجملة: { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ } وسفَّههم وضعَّف أحلامهم بامتثال هذه الهذيانات الباطلة { فَأَطَاعُوهُ } وقَبِلوا منه جميع ما قال عتواً وعناداً { إِنَّهُمْ } في أنفسهم { كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [الزخرف: 54] خارجين عن مقتضى العدالة الإلهية، لذلك انحرفوا عن سواء السبيل واتبعوا ذلك الفاسق الطاغي.

{ فَلَمَّآ آسَفُونَا } وحملونا على القهر والغضب، وحركوا حمية الغيرة الإلهية بامتثال هذه الجرائم الفاحشة { ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بمقتضى قهرنا وجلالنا { فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } [الزخرف: 55] في اليم، ومحنا رسومهم عن وجه الأرض.

{ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً } قدوة وأسلافاً قديمة { وَ } صاروا { مَثَلاً لِّلآخِرِينَ } [الزخرف: 56] من أخلافهم، يمثلون بهم، وبوقائعهم يتعظون.