الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ حـمۤ } * { عۤسۤقۤ } * { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }

{ حـمۤ * عۤسۤقۤ } [الشورى: 1-2] يا حامل وحي الله، وماحي الوجود عن غيره يا عالم سرائر قدرة الله، وعارف سريان سر وحدته الذاتية على قلوب خُلَّص عباده من الأنبياء والأولياء.

{ كَذَلِكَ } أي: مثل ما ذكر في هذه السورة من سرائر التوحيد والأخلاق المرضية الإلهية { يُوحِيۤ إِلَيْكَ } يا أكمل الرسل في كتابك هذا { وَإِلَى ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِكَ } من الأنبياء والرسل في كتبهم وصحفهم { ٱللَّهُ } المتوحد بذاته المحيط بعموم مظاهره ومصنوعاته، المستقل بأمر الإرسال والإنزال والوحي والإلهام { ٱلْعَزِيزُ } الغالب في أمره وشأنه { ٱلْحَكِيمُ } [الشورى: 3] المتقن في أفعاله وتدبيراته الجارية في ملكه وملكوته.

إذ { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } ملكاً وتصرفاً، إيجادً وإعداماً { وَ } بالجملة: { هُوَ ٱلْعَلِيُّ } المستقل بالعلو في مطلق ملكه وملكوته { ٱلعَظِيمُ } [الشورى: 4] في شأنه وأمره، لا علو ولا عظمة إلا له، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا حكم ولا حكمة إلا منه.

ومن كمال عزته وعظمته { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ } السبع { يَتَفَطَّرْنَ } بالياء والتاء، أو بالياء والنون معناه على كلتا القراءتين: يتشققن { مِن فَوْقِهِنَّ } أي: من فوق السماوات أو من فوق الأرضين السبع من كمال خشية الله ورهبته، خوفاً من تجليه عليهم باسمه القهار المفني للأغيار مطلقاً { وَٱلْمَلاَئِكَةُ } أيضاً من خشيتهم من كمال غضبه وقهره سبحانه { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } تعديداً لنعمه إياهم بإفاضة الشعور والإدراك على حقوق ربوبيته ومقتضيات ألوهيته، والتمكن والاقتدار على مواظبة عبوديته ومشاهدة آثار سلطنته وعظمته { وَيَسْتَغْفِرُونَ } أيضاً بإذنه وبمقتضى أمره { لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } من خُلَّص عباده الموحدين المجبولين على صورته، المجعلوين لخلافته ونيابته { أَلاَ } أي: تنبهوا أيها الأظلال المنهمكون في بحر الحيرة والضلال { إِنَّ ٱللَّهَ } الذي أظهركم من كتم العدم، ورباكم بأنواع اللطف والكرم { هُوَ ٱلْغَفُورُ } الستار لذنوب أنانياتكم، المحَّاء لآثام هوياتكم إن تبتم وأخلصتم فيها { ٱلرَّحِيمُ } [الشورى: 5] لكم يقبل توبتكم يغفر زلتكم، ويوصلكم إلى ما جبلتم لأجله.

ثم قال سبحانه تهديداً على المشركين المتخذين لله المتوحد في ذاته، المستقل في وجوده أنداداً { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ } سبحانه { أَوْلِيَآءَ } يوالونهم كولايته سبحانه، ويتوجهون نحوهم مثل توجهه، ولا تلتفت يا أكمل الرسل إليهم، ولا تبالِ بشأنهم؛ إذ { ٱللَّهُ } المحيط بذواتهم وأفعالهم وصفاتهم { حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } عليم بأعمالهم ونياتهم فيها، ويحاسبهم عليها ويجازيهم بمقتضاها { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } [الشورى: 6] كفيل يخلصهم عن مفاسد أعمالهم ومقابح أفعالهم، بل ما أنت إلا مبلغ ونذير.