الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } * { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ }

فيكف يكفرون لوفور نعمة الحق وشمول رحمته مع أنه { لِلَّهِ } المحيط بكل المظاهر الموجد المظهر لها { مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } اي: العلويات والسفليات وما بنيهما من الممتزجات؛ لذلك { يَخْلُقُ } ويوجد { مَا يَشَآءُ } إرادة واختياراً حيث { يَهَبُ } بمقتضى جوده وفضله { لِمَن يَشَآءُ } من عباده { إِنَاثاً } محضاً من الأولاد، قدمهن للتدرج من الأدنى إلى الأعلى، ونكرهم؛ لأن النكارة مطلوبة فيهن { وَيَهَبُ } أيضاً { لِمَن يَشَآءُ } منهم { ٱلذُّكُورَ } [الشورى: 49] الخُلَّص، عرَّفهم؛ لأنهم أولى بالتعريف وأجرى بالمعرفة.

{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ } ويخلط لهم { ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } مجتمعين ممتزجين { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ } منهم { عَقِيماً } بلا إيلاد واستيلاد، ذكراً كان أو أنثى إظهاراً لكمال قدرته، وإشعاراً بأنه لا تأثير للوسائل والأسباب العادية، حتى ينسب تناسلهم وتوالدهم إلى اجتماع الأزواج والزوجات منهم، كما هو المتبادر إلى الأحلام السخيفة، وبالجملة: { إِنَّهُ } سبحانه { عَلِيمٌ } باستعدادات عباده وقابلياتهم { قَدِيرٌ } [الشورى: 50] على إفاضة ما ينبغي لمن ينبغي كما ينبغي، بمقتضى كرمه وجوده إرادة واختياراً، بلا إيجاب والتزام من جانبه سبحانه.

ثم لما شنَّع اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيروه وطعنوا في نبوته، مستهزئين معه؛ حيث قالوا له تهكماً: ألاَ تكلم الله وتنظر إليه لو كنت نبيّاً كما كلمه موسى ونظر إليه.

فقال صلى الله عليه وسلم: " لم ينظر موسى إلله تعالى " إذ هو سبحانه أجل وأعلى من أن تنظر إليه العيون، وتدركه الأبصار ومحيط به الآراء والأفكار.

أنزل سبحانه هذه الآية تصديقاً لحبيبه صلى الله عليه وسلم، فقال: { وَمَا كَانَ } أي: ما صح وجاز { لِبَشَرٍ } أي: لجنسه، ليس في وسعه واستعداده { أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ } مشافهة بلا سترة وحجاب؛ إذ لا مناسبة بين المحدوج والمحبوس في مضيق الجهات، وبين غير المحدود والمستغني عن الحدود والجهات حتى تقع المكالمة بينهما { إِلاَّ وَحْياً } أي: تكلماً ناشئاً عن وحى إلهامي أو منامي { أَوْ } تكلماً مسموعاً { مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } أي: وراء تعين من التعينات، كما سمع موسى كلامه سبحاه من وراء حجاب الشجرة، فكذلك يسمع العارف المتحقق بمقام الفناء في الله كلامه سبحانه، من وراء تعينات عموم المظاهر الناطقة بتسبيحه سبحانه حالاً ومقالاً { أَوْ } تكلماً بالسفارة والترجمان بأن { يُرْسِلَ رَسُولاً } من سدنة ذاته التي هي الملائكة الحاملون لكمالات أسمائه وصفاته { فَيُوحِيَ } الملك { بِإِذْنِهِ } سبحانه { مَا يَشَآءُ } ويسمعه من كلامه سبحانه لمن يشاء من عباده.

وبالجملة: { إِنَّهُ } سبحانه { عَلِيٌّ } في شأنه المختص به، وكمالاته اللائقة له، متعالٍ عن أن يحوم حول سرادقات عز سلطانه أحد من خلقه، فيكف أن يتكلموا معه بلا سترة وحجاب { حَكِيمٌ } [الشورى: 51] في كمال تمنعه وكبريائه ونهاية تعززه وترفعه؛ بحيث تكلم تارة بالوحي والإلهام، وتارة من وراء الحجب والأستار، وتارة بطريق السفارة الرسالة.

السابقالتالي
2