الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } * { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }

{ ذَلِكَ } المذكور من الفضل والفوز هو { ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ } المنعم المفضل به { عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بوحدة ذاته { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المفيضة الموصلة لهم إلى توحيد أفعاله وصفاته { قُل } يا أكمل الرسل بعدما بينت لهم طريقي الهداية والضلال، وبلغت ما يوصل بوحي إليك للإرشاد والتكميل إياهم: { لاَّ أَسْأَلُكُمْ } أي: على تبليغي وتبشيري إياكم { عَلَيْهِ أَجْراً } جعلاً منكم ونفعاً دنيوياً { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي: ما أطلب منكم نفعاً دنيوياً بل أطلب منكم محبة أهل بيتي ومودتهم؛ ليدوم لكم طريق الاستفادة والاسترشاد منهم؛ إذ هم مجبولون على فطرة التوحيد الذاتي مثلي.

روي أنها لما نزلت، قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرابتك؟ قال: " علي وفاطمة وأبنهائمها ".

وكفاك شاهداً على ذلك ظهور الأئمة الذين هم أكابر أولي العزائم في طريق الحق وتوحيده، صلوات الله على أسلافهم وسلامه عليهم وعلى أخلافهم، ما تناسلوا بطناً بعد بطن.

{ وَمَن يَقْتَرِفْ } ويكتسب متابعة الرسول وأهل بيته { حَسَنَةً } دينية حقيقة { نَّزِدْ لَهُ فِيهَا } أي: فيما يترتب عليها من الكرامات الأخروية { حُسْناً } أي: زياة حسن تفضلاً منَّا وإحساناً { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائرهم عباده ونياتهم { غَفُورٌ } لذنوب من أحب أهل بيت حبيبه لرضاه سبحانه { شَكُورٌ } [الشورى: 23] يوفي عليهم الثواب، ويوفر عليهم أنواع الكرامات.

أينكرون مطلق رتبة النبوة والرسالة؟! أولئك المنكرون المعاندون { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ } محمد صلى الله عليه وسلم { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } واختلق آيات مفتريات ترويجاً لمدعاه، وما قولهم هذا وزعمهم بك يا أكمل الرسل بأمثاله إلا قول باطل، وزعم زاهق زائغ { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ } الغني بذاته عن عموم مظاهره ومصنوعاته { يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } كما ختم على قلوبهم، ويضلك عن طريق توحيده مثل ما أظلهم { وَ } بعد ذلك { يَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ } لو تعلق مشيئته { وَيُحِقُّ } ويثبت { ٱلْحَقَّ } الحقيق بالإطاعة والاتباع { بِكَلِمَاتِهِ } التي هي آيات القرآن بلا سفارتك ورسالتك، وبالجملة: { إِنَّهُ } سبحانه { عَلِيمٌ } يعلمه بعلمه الحضوري { بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [الشورى: 24] فيظهر عليهم ما هو مكنون في صدورهم وضمائرهم، ويجازيهم بمقتضاهز

{ وَ } كيف لا يعلم سبحانه بمكنونات صدورهم { هُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ } الصادرة عن محض الندم والإخلاص اللذين هما من أفعال القلوب { عَنْ عِبَادِهِ } المسترجعين نحوه بكمال الخشية والخضوع { وَ } بعد قبول التوبة عنهم { يَعْفُواْ } ويتجاوز { عَنِ } مطلق { ٱلسَّيِّئَاتِ } الصادرة عنهم على سبيل الغفلة { وَ } بالجملة { يَعْلَمُ } منكم جميع { مَا تَفْعَلُونَ } الشورى: 25] بظواهرهم وبواطنكم.

{ وَيَسْتَجِيبُ } أي: بحيث يقبل توبة { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ترحماً لهم وإشفاقاً، بعدما رجعوا نحوه تائبين نادمين عما فعلوا { وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } بدل إخلاصهم واستحيائهم منه سبحاه من الكرامات ما لا يكتنه وصفه { وَٱلْكَافِرُونَ } الساترون بأباطيل هوياتهم، وما صدر منها من الجرائم والآثام شمس الحق الحقيق بالكشف والظهور { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [الشورى: 26] حين رجعوا إلى الله، وحشروا نحوه مهانين صاغرين.