الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } * { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } * { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ }

وكيف لا يتفضل حين الجزاء على أرباب العناية، ولا يعدل على أصحاب الغواية حين الجزاء؛ إذ { إِلَيْهِ } لا إلى غيره من أظلال الوسائل والأسباب { يُرَدُّ } ويرجع { عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي: العلم المتعلق بوقت قيامها، وكيفية ما جرى فيها من الأهوال والأفزاع؛ إذ هي من جملة الغيوب التي استأثر الله بها ولم يطلع أحداً عليها { وَ } أيضاً يرجع إلى علمه سبحانه { مَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ } أي: من أجناس الثمار مع اختلاف أنواعها وأصنافها متى تخرج { مِّنْ أَكْمَامِهَا } أي: أوعيتها التي فيها أنوارها الحاصلة منها الأثمار؛ إذ هي أيضاً من جملة الأمور الغيبية المستأثرة بها سبحانه { وَ } كذا { مَا تَحْمِلُ } وتحبل { مِنْ أُنْثَىٰ } أي: فوائد المل والحبل { وَلاَ تَضَعُ } حملها بمكان من الأمكنة { إِلاَّ بِعِلْمِهِ } سبحانه؛ إذ هو العالم لا غيره بما في الأرحام ومدة بقائه فيها وخروجه منها، لا اطلاع لأحد عليها.

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن أشرك بالله، وأثبت الوجود لغيره والشركة في ألهويته وربوبيته عدواناً وظلماً { يَوْمَ يُنَادِيهِمْ } الله لهم حين إرادة الانتقام عنهم، موبِّخاً لهم ومقرعاً أياهم: { أَيْنَ شُرَكَآئِي } الذين تزعمون شركتهم معي وشفاعتهم عندي، أحضروهم؛ لينجوكم من عذابي ويشفعوا لكم لدي، وبعدما سمعوا النداء الهائل { قَالُوۤاْ } متأسفين متحزنين: { آذَنَّاكَ } وأعلمناك يا مولانا اليوم، وإن كنت أعلم منَّا بحالنا إنا { مَا مِنَّا } أي: ما أحد منَّا اليوم { مِن شَهِيدٍ } [فصلت: 47] يشهد على شركة شركائنا الذين ادعينا شركتهم معك ظلماً وزوراً.

{ وَ } بعدما تقوَّلوا ما تقوَّلوا من شدة الأسف ونهاية الحسرة والضجرة { ضَلَّ } وغاب { عَنْهُم } وخف عن أبصارهم وبصائرهم { مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ } ويعبدون إليه { مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ } بل تيقنوا حينئذ { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } [فصلت: 48] مهرب ومخلِّص من عذاب الله، فتندموا وما ينفعهم الندم، ورجعوا إلى الله حينئذ وما يفيدهم الرجوع؛ لانقضاء مدة التدارك والاختبار.

ومن العادة القديمة والديدنة المستمرة أنه { لاَّ يَسْأَمُ } أي: لا يمل ولا يفتر { ٱلإِنْسَانُ } المجبول على جلب الإحسان { مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ } لنفسه وجذب المنفعة إلى ذاته حريصاً عليها، مولعاً لاقتنائها وجمعها { وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ } وعرض عليه الضر حيناً من الأحيان { فَيَئُوسٌ } من قدرة الله على دفع الضر عنه، نوجلب النفع إياه بعدما أزال عنه ابتلاء { قَنُوطٌ } [فصلت: 49] من فض الله عليه وسعة رحمته وجوده.

{ وَ } من غاية يأسه وقنوطه عن مقتضى فضلنا وجودنا { لَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً } ووفرناها عليه؛ بحيث تسري في جميع أجزائها مع كونها تفضلاً { مِّنَّا } بلا اقتراف { مِن } جانبه سوى أنه { بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ } لحقته أوائلها؛ إذ المساس يحصل بمجرد الملاقاة { لَيَقُولَنَّ } معرضاً عن الله: { هَـٰذَا لِي } وأنا أستحق بها لاحتمال الشدائد ولكمال فضلي وعلمي، أو هذا لي بمقتضى ذاتي { وَ } بالجملة: { مَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ } الموهومة الموعودة { قَآئِمَةً } أتية { وَلَئِن } فرضت وقوعها وقيامها على الوجه الذي زعم الرسل المدعون، ونطقت الكتب المزورة المفترية { رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ } كما زعموا { إِنَّ لِي } أي: ثبت وتحقق لي { عِندَهُ } سبحانه { لَلْحُسْنَىٰ } أي: الحالة التي هي أحسن الحالات وأكمر الكرامات؛ لاستحقاقي بها واقتضاء ذاتي: إياها، وإنما يقول ما يقول استهزاءً وتهكماً.

السابقالتالي
2