الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } * { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ قُلْ } يا أكمل الرسل لمن أشرك بالله، وجحد توحيده على سبيل التوبيخ والتقريع: { أَإِنَّكُمْ } أيها الجاهدون المسرفون { لَتَكْفُرُونَ } وتنكرون { بِٱلَّذِي } أي: بالقادر العليم الحكيم الذي { خَلَقَ ٱلأَرْضَ } أي: عالم الطبيعة والهيولي { فِي يَوْمَيْنِ } يوماً لاستعداداتها القابلة لانعكاس أشعة نور الوجود، ويوماً لاتصافها بها بمقتضى الجود الإلهي.

{ وَ } من كمال غفلتكم وضلالكم عن توحيد الحق وتوحده في ذاته { تَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } تثبتون له شركاء في الوجود، مشاركين معه سبحانه في الآثار والتصرفات الواقعة في الكائنات، وتتوجهون نحوهم في الخطوب والملمات، مع أنه لا رب لهم سواه سبحانه، ولا مرجع لهم غيره، بل { ذَلِكَ } الواحد الأحد الصمد الذي ذكر نبذاً من أخص أوصافه { رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [فصلت: 9] أي: موجد جميع ما لاح عليه برق الوجود، ومربيها بمقتضى الجود.

{ وَ } كيف تنكرون وحدة الحق، واستقلاله في ملكه وملكوته مع أنه { جَعَلَ } بمقتضى حكمته { فِيهَا } أي: في عالم الطبيعة { رَوَاسِيَ } اي: أقطاباً وأوتاداً رفعية الهمم عالية القدر مستمرة { مِن فَوْقِهَا } أي: من عالم الأسماء والصفات { وَ } لهذا { بَارَكَ فِيهَا } وكثَّر الخير والبركة عليها { وَ } من كما حكمته سبحانه { قَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } أي: قدر وأظهر في عالم الطبيعية جميع ما يحتاج إليه أهلها من الرزق الصوري والمعنوي تتميماً لتربيتهم، وتكميلاً لهم حسب نشأتهم.

كل ذلك صدر منه سبحانه { فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } يومين للنشأة الأولى المتعلقة بالظور والبروز، ويومين للنشأة والأخرى المتعلقة بالكمون والبطون، ولهذا كانت الأيام المذكورة { سَوَآءً } أي: سبيلاً وطريقاً مستقيماً { لِّلسَّآئِلِينَ } [فصلت: 10] المستكشفين عن مدة بروز عالم الطبيعة عن مكمن الغيب.

{ ثُمَّ } أي: بعدما هبط ونزل من عالم الأسماء إلى مهبط الطبيعة والهيولي، وصعد إليها { ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } أي: سماء الأسماء، وتمكن عليها مستعلياً مستغنياً فارغاً عن الصعود والهبوط { وَ } الحال أنه { هِيَ } أي: عالم الأسماء والصفات في أنفسها أيضاً { دُخَانٌ } حجاب بالنسبة إلى صرافة الذات؛ إذ لا تلخوا عن شوب الكثرة المستلزمة للظلمة، بعدما استقر عليها سبحانه، وتمكن { فَقَالَ لَهَا } أي: لسماء الأسماء والصفات.

{ وَلِلأَرْضِ } أي: الطبيعة والهيولي إظهاراً للقدرة الشاملة والسلطنة الغالبة: { ٱئْتِيَا } وتوجهاً نحو جانبنا، منسلخين عن هوياتكما الباطلة ووجوداتكما العاطلة الزائلة { طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } أي: طائعتين أو كارهتين؛ إذ لا وجود لكما في أنفسكما، وبعدم سمعتا من النداء المهوول ما سمعتا { قَالَتَآ } على وجه التصريح والتذلل، حسب استعداداتهما الف

رية وقابالياتهما الجبلية: { أَتَيْنَا } نحو بابك يا ربنا { طَآئِعِينَ } [فصلت: 11] من أين يتأتى منا الكره لحكمك، يا من لا وجود لنا إلا منك، لا تحقق إلا بك، نعبدك ونستعين منك عل العبادة عبادتك؛ إذ لا معبود لنا سواك، ولا مقصود إلا إياك.

السابقالتالي
2