الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } * { قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ }

ثم قال سبحانه: { وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمعتبرين من المكلفين وقت { إِذْ يَتَحَآجُّونَ } ويتخاصمون؛ أي: أصحاب النار { فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ } منهم؛ أي: الأتباع والأراذل { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ } أي: لدى رؤسائهم ومتبوعيهم المستكبرين عليهم، المستتبعين لهم في النشأة الأولى: { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } في دار الدنيا، بل أنتم أضللتمونا عن متابعة الرسل والهادين { فَهَلْ أَنتُم } اليوم { مُّغْنُونَ } دافعون مانعون { عَنَّا نَصِيباً } جزءاً أو شيئاً، قد صار حظنا { مِّنَ ٱلنَّارِ } [غافر: 47] النازلة علينا بسبب اتباعنا إياكم، واقتفائنا أثركم، وتديننا بدينكم وخصلتكم.

{ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } أي: الرؤساء المتبوعين { إِنَّا } نحن وأنتم { كُلٌّ } منَّا معذبون { فِيهَآ } أي: في النار، لا يسع أحد منَّا ومنكم، ليدفع شيئاً منها { إِنَّ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور { قَدْ حَكَمَ بَيْنَ } عموم { ٱلْعِبَادِ } [غافر: 48] بأن أدخل بعضاً منهم في الجنة بفضله، وبعضاً في النار بعدله، ولا معقب لحكمه، وهو شديد المحال.

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لأصحاب العبرة ما { قَالَ ٱلَّذِينَ } كفروا حال كونهم { فِي ٱلنَّارِ } محزونين متضرعين { لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } وهي أعمق أماكن النار وأغروها: { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ } أيها الخزنة حسبة لله، واستشفعوا منها سبحانه لأجلنا، وإن لم يغفر لنا، ولم يعفُ عن جرائمنا { يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً } أي: مقدار يوم واحد { مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 49] الدائم المستمر حتى نتنفس فيه ونستريح.

{ قَالُوۤاْ } أي: الخزنة في جوابهم تهكماً وتوبيخاً على سبيل التجاهل: { أَوَلَمْ تَكُ } أيها الحمقى الهالكون في تيه البعد والضلال { تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ } المبعوثون إليكم { بِٱلْبَيِّنَاتِ } الواضحة الدالة على قبول الإنذارات الصادرة من الله أصالة ومنهم تبعاً، وبعدما سمعوا من الخزنة ما سمعوا { قَالُواْ } متأوهين متحسرين: { بَلَىٰ } قد جاءنا نذير فكذبنا، وقلنا: ما نزل الله من شيء { قَالُواْ } أي: الخزنة بعدما سمعوا منهم ما سمعوا: إن أنتم إلا في ضلال مبين { فَٱدْعُواْ } على حالكم بلا استشفاع منَّا؛ إذ نحن لا نجترئ بالشفاعة عنده، والاستغفار منه سبحانه لأمثالكم؛ إذ لا يقبل الدعاء منَّا ومنكم في أمثال هذه الجرائم الكبيرة.

{ وَ } بالجملة: { مَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على كفرهم في النشأة الأولى التي هي دار الاختبار؛ لاستخلاصهم في النشأة الأخرى التي هي دار القرار { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 50] ضياع وخسار، لا يسمع من أحد أمثال هذا الدعاء، ولا يُجاب له.

ثم قال سبحانه وعداً للمؤمنين وحثاً لهم على تصديق رسل الله وكتبه: { إِنَّا } من مقام عظيم جودنا ولطفنا { لَنَنصُرُ } ونعاون { رُسُلَنَا } الذين هم حملة وحينا، وحفظة ديننا { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } لهم، واسترشدوا منهم طريق الهداية، واجتنبوا بسببهم عن الغي والضلا { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } التي هي نشأة الفتن والاختبارات الإلهية، بتوفيقهم على العمل الصالح، وردعهم عن المفاسد والمنكرات، وننصرهم أيضاً نصرة تامة { وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [غافر: 51] أي: يوم القيامة التي تقوم فيها الشهود والعدول من الملائكة والنبيين والمؤمنين لنصرة المؤمنين ومقت الكافرين.

{ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ } الخارجين عن مقتضى الحدود الإلهية في نشأة الدنيا { مَعْذِرَتُهُمْ } التي آتوا بها يومئذ؛ إذ قد انقضى حينئذ وقت التلافي والتدارك، ومضى زمان الاختبار، بل { وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ } أي: الطرد والتبعيد عن ساحة عز الحضور { وَلَهُمْ } أيضاً { سُوۤءُ ٱلدَّارِ } [غافر: 52] المعدة لأصحاب الخسار والبوار، وهي جهنم البعد والخذلان، أعاذنا الله منها.