الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } * { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }

ثم قال القائل المذكور تسجيلاً على غيهم وضلالهم: { وَ } كيف تستبعدون نبوة هذا المدعي ورسالته من عند الله مع أنه ليس ببدع منه، بل { لَقَدْ جَآءَكُـمْ } أي: على آبائكم وأسلافكم { يُوسُفُ } ابن يعقوب رسولاً { مِن قَبْلُ } أي: من قبل هذا المدعي مؤيداً من عنده سبحانه { بِٱلْبَيِّنَاتِ } المبينة الموضحة لدعواه ورسالته { فَمَا زِلْتُمْ } أي: كنتم دائماً مستمراً سلفاً وخلفاً { فِي شَكٍّ } وتردد { مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ } في أمر الدين وشأن التوحيد واليقين { حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ } أي: مات يوسف عليه السلام وانقرض زمانه { قُلْتُمْ } من كمال تعنتكم وعنادكم على سبيل الجزم، بلا دليل وبرهان نزل عليكم عقلاً ونقلاً: { لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } مع أنكم شاكون في رسالته أيضاً، بل في مطلق الرسالة والإنزال من الله الواحد القهار.

{ كَذَلِكَ } أي: مثل ضلالكم هذا { يُضِلُّ ٱللَّهُ } المضل المغوي بمقتضى قهره وجلاله جميع { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في الخروج عن مقتضى الحدود املوضوعة لحفظ القسط الإلهي والاعتدال الحقيقي { مُّرْتَابٌ } [غافر: 34] شاك فيما يثبته البينات الواضحة والمعجزات اللائحة.

وبالجملة: المسرفون المكابرون { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على توحيده، واستقلاله بالتصرفات الواقعة في ملكه وملكوته { بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } أي: حجة قاطعة وبرهان واضح { أَتَاهُمْ } على سبيل الإلهام والوحي والبيان { كَبُرَ } وعظم حالهم وشأنهم هذا { مَقْتاً } أي: ليكون سبباً لمقتهم وهلاكهم { عِندَ ٱللَّهِ } أصالة { وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله وكمال قدرته على أنواع الإنعام والانتقام تبعاً { كَذَلِكَ } أي: مثل ما سمعت يا أكمل الرسل و { يَطْبَعُ } ويختم { ٱللَّهُ } العليم الحكيم { عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ } مجبول على الشقاوة والضلال في أزل الآزال { مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } [غافر: 35] يمشي على الأرض خيلاء ويضر بأهلها، وإنما أمهله سبحانه هكذا؛ ليوفر عليه عذابه المعد لأجله، ويخلده في نار القطيعة والحرمان أبد الآباد.