الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ فَمَالِ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى } المؤمنين { ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ } عند ضعفهم، وثاثة حالهم حين كانوا في مكةك قبل الهجرة يريدون أن يقاتلوا: { كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ } عن القتال إلى أن يأذن الله لكم به ويرد الأمر عليه { وَأَقِيمُواْ } أديموا { ٱلصَّلَٰوةَ } المقرب لكم نحوه بجميع الأعضاء والجوارح { وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ } المصفية لنفوسكم عن الميل إلى زخرفة الدنيا، وانتظروا إلى أن يأمركم الله بالقتال والجهاد { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ } بعدما قوَّي حالهم، وزال ضعفهم { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } بضعف يقينهم، وقلة وثوقهم بنصر الله وتأييده { يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ } أي: يخالفون من الكفار { كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ } مثل خوفهم من الله { أَوْ } بل { أَشَدَّ خَشْيَةً } لوهن اعتقادهم، واعتمادهم على الله؛ إذ هم في أوائل ظهور الإسلام حين كانوا متزلزلين، لا يصفوا يقينهم بالتوحيد { وَقَالُواْ } حين سمعوا نزول أمر القتال مسوفين متأخرين: { رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ } مع أنا على ضعفنا { لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } يزداد فيه قوتنا وشوكتنا وعدتنا، وإنما قالوه خوفاً من الموت وفوات المال { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تذكيراً وتنبيهاً: { مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ } عمل قصير بالنسبة إلى عطاء الله، وشرف لقائه { وَٱلآخِرَةُ } المعدة لجزيل العطاء وشرف اللقاء { خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ } عما يشغلهم عنه وعن عطائه { وَ } اعلموا أيها المؤمنون أنكم { لاَ تُظْلَمُونَ } لا تنقصون ولا تهملون مما قدر لكم في القضاء { فَتِيلاً } [النساء: 77] مقدر فتيل النواة.

واعلموا أيضاً أن تسويفكم وتأخيركم لا يفيدكم نفعاً في أمر الموت، بل وقته مبهم وأمره مبرم.

{ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ } عند حلول الأجل المقدر له من عده { وَلَوْ كُنتُمْ } متحصنين { فِي بُرُوجٍ } قلاع وحصون { مُّشَيَّدَةٍ } بأنواع التشييدات والتحصنات؛ إذ لا مرد من قضاء الله ولا معقب لحكمه، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد { وَ } هم أيضاً من غاية تزلزلهم وتذبذهم، وعدم رسوخهم في جادة التوحيد { إِن تُصِبْهُمْ } حَسَنَةٌ فتح وغنيمة تفرح بها نفوسهم وتنبسط { يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } تفضلاً علينا، وامتناناً { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } بلية واختبار تنقبض بها نفوسهم { يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ } أي: اضافوها إليك مشتائمين بك، كما تشاءمت اليهود حيث قالت: منذ دخل محمد المدينة نقصت ثمارها وغلبت أسعارها { قُلْ } لهم كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة والإيقان: { كُلٌّ } من الحوادث الكائنة سواء كانت مفرحة أو مملة، مقبضة أو مبسطة نازل { مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } حسب قدرته وإرادته، لا يسأل عن فعله ولا في أمره، بل له التصرف مطلقاً { فَمَالِ } عرض { هَـٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ } المنحطين عن درجة التوحيد والعرفان { لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ } ويفهمون { حَدِيثا } [النساء: 78] يخلصهم عن التزلزل، وتردد المرتبة على الإضافات المنافية للتوحيد، ولو أنهم من أهل التدبير والتأمل في سرائر كلام الله ومرموزاته لفتح عليهم مما يخلصهم عن دغدغة الكثرة مطلقاً، فكيف إضافة الحسنة والسيئة.