{ فَلْيُقَاتِلْ } المخلصون المبادرون إلى الفناء { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } مع المشركين { ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ } ويختارون { ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } أي: بدلها، ويبيعونها بها { وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ترويجاً لتوحيده مع هؤلاء المشركون المصرين على الشرك { فَيُقْتَلْ } في أيديهم { أَو يَغْلِبْ } عليهم { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } من لدنا { أَجْراً عَظِيماً } [النساء: 74] لا كأجر الدنيا ولا كأجر الآخرة المتربتة على الأعمال الصالحة، بل الشهداء منهم أحياء عند الله يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله، والغزاة فهم في حمى الله وكنف حفظه وجواره. { وَمَا } عرض ولحق { لَكُمْ } أيها المؤمنون المبشرون بهذه البشارة العظمى { لاَ تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } مع أعداء الله { وَ } لا تنقذون { ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } منكم من أيديهم { مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَٰنِ } الذين بقوا في مكة بعد الهجرة، فآذوهم واستذلوهم إلى أن استعبدوهم، وهم { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } من غاية حزوننهم، ونهاية مذلتهم متضرعاً إلى الله مستشكياً إليه: { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا } إذ لا طقاة لنا بظلمهم { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } يولي أمرنا، وينقذنا من أيديهم، ويخرجنا من بينهم { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً } [النساء: 75] ينصرنا عليهم لينتقم عنهم، فاستجاب الله دعاءهم بأن ألحق بعضهم إلى المهاجرين، ونصر بعضهم بالنبي والمؤمنين حين فتحوا مكة - شرفها الله - فوصلوا إلى ما طلبوا من الله. { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } تقرباً إليه وطلباً لرضاه، وترويجاً لدينه ونصرة نبيه المبعوث لإعلاء كلمة توحيده { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ } المضل عن طريق الحق، وسبيل الهداية إلى متابعة الشيطان وموالاته { فَقَٰتِلُوۤاْ } أيها المؤمنون المخلصون { أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَٰنِ } ولا تبالوا بعددهم وعددهم { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ } بالنسبة إلى كيد الله ومكره { كَانَ ضَعِيفاً } [النساء: 76] لا عبرة له ولا تأثير.