{ فَلاَ وَرَبِّكَ } أي: فوربك وعظم شأنه وسطوع برهانه { لاَ يُؤْمِنُونَ } بالله وبكتبه ورسله { حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ } أيها لمبعوث لكل { فِيمَا شَجَرَ } وحدث { بَيْنَهُمْ } من الوقائع التي اختلفوا فيها { ثُمَّ } بعدما حكموك { لاَ يَجِدُواْ } حين راجعوا وجدانهم { فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً } ضيقاً واضطراباً وشكاً { مِّمَّا قَضَيْتَ } حكمت به { وَيُسَلِّمُواْ } حكمك وقضاءك { تَسْلِيماً } [النساء: 65] ناشئاً عن محض الإطاعة والانقياد، ظاهراً وباطناً؛ إذ طاعتك عين إطاعتنا وانقيادنا.
{ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا } فرضنا وأمرنا { عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } في سبيلنا { أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ } المألوفة التي هي بقعة الإمكان { مَّا فَعَلُوهُ } أي: المأمور به { إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } وهم المخلصون المبادرون إلى الفناء في الله؛ ليفوزوا بشرف بقائه { وَلَوْ أَنَّهُمْ } من غاية تشوقهم وتعطشهم بمرتبة الفناء فيه { فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } في أولادهم وأخراهم { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } [النساء: 66] لقدمهم في طريق التوحيد والعرفان.
{ وَإِذاً } أي: حين ثبتوا على طريق التوحيد أشد تثبيت { لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ } بلا صنع منهم { أَجْراً عَظِيماً } [النساء: 67] هو الفوز بمرتبة الكشف والشهود.
{ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [النساء: 68] يوصلهم إلينا بلا اعوجاج ولا انحراف.
اهدنا بلطفك صراطاً مستقيماً يوصلنا إلى ذروة توحيدك.