ثم قال سبحانه منادياً لأهل الإيمان إيصاء وتنبيهاً: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم إطاعة الله وإطاعة رسوله { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } بامتثال أوامره واجتناب نواهيه { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } الذي استخلفه من عنده يهديكم إلى توحيده { وَ } أطيعوا أيضاً { أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } وهم الذي يقيمون شعائر الإسلام بينكم من الأمراء والحكام والقضاة المتجتهدين في تنقيذ الأحكام واستنباطه { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } أنتم مع حكامكم { فِي شَيْءٍ } من أمور في أنه مطابق للشرع أو غير مطابق { فَرُدُّوهُ } وراجعوا فيه { إِلَى } كتاب { ٱللَّهِ وَ } أحاديث { ٱلرَّسُولِ } بأن عرضوا عليهما واستنبطوه منهما { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } المجازي لعباده على أعمالهم خيراً كان أو شراً { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعد للجزاء { ذٰلِكَ } الرد { خَيْرٌ } لكم من استبدادكم بعقولكم { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [النساء: 59] من تأويلكم، وأحمد عاقبة باستبدادكم. { أَلَمْ تَرَ } أيها الرسول المرسل إلى كافة الأنام { إِلَى } المنافقين { ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } من الفرقان الفارق بين الحق والباطل { وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من الكتب المنزلة على إخوانكم من الأنبياء - عليهم السلام - ومع ادعائهم هذا { يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ } ويتراجعوا في الوقائع { إِلَى ٱلطَّاغُوتِ } المضل عن مقتضى الإيمان والكتب { وَ } الحال أنهم { قَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ } أي: بالطاغوت { وَ } ما ذلك إلا أن { يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ } الذي هو رئيس الطواغيت { أَن يُضِلَّهُمْ } عن طريق الحق { ضَلاَلاً بَعِيداً } [النساء: 60] إلى حيث لا يرجى منهم الاهتداء أصلا. { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } إمحاضاً للنصح { تَعَالَوْاْ } هلموا { إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } من الكتاب الجامع لجميع الكتب المبينة لطريق الحق، الهادية إلى توحيده { وَإِلَى } متابعة { ٱلرَّسُولِ } المبلغ الكاشف لكم أحكامه { رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ } والذين في قلوبهم مرض { يَصُدُّونَ } يعرضون { عَنكَ } وعن عظتك وتذكيرك { صُدُوداً } [النساء: 61] إعراضاً نائشاً عن محض القساوة والفساد.