قل للمؤمنين يا أكمل الرسل نيابة عنا، إخباراً لهم عن وخامة عاقبة هؤلاء المعرضين: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا } كهؤلاء المدبرين { سَوْفَ نُصْلِيهِمْ } وندخلهم { نَاراً } معدة لجزاء الغواة بحيث { كُلَّمَا نَضِجَتْ } تفانت واضمحلت { جُلُودُهُمْ } بإحراق نار الخذلان { بَدَّلْنَٰهُمْ } من غاية قهرنا وانتقامنا { جُلُوداً غَيْرَهَا } مماثلة لما احترقت منها { لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أي: ليدوم لهم ذوقه وخذلانه { إِنَّ ٱللَّهَ } المنتقم منهم { كَانَ عَزِيزاً } غالباً على الانتقام حسب المرام { حَكِيماً } [النساء: 56] عادلاً لا يظلم بالزيادة ولا يهمل بنقصان.
ثم قال سبحانه: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بأياتنا { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } امتثلوا بالصالحات المأمورة فيها { سَنُدْخِلُهُمْ } من غاية فضلنا وجودنا { جَنَّاتٍ } منتزهات من العلم والعين والحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أنهار اللذات الروحانية المترتبة على التجليات الرحمانية الغير المتناهية، لذلك { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } بلا انقطاع وانصرام، ومع ذلك { لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ } صواحب من الصفات والأسماء يؤانسهم { مُّطَهَّرَةٌ } عن أدناس الطبيعة مطلقاً { وَ } بالجملة: { نُدْخِلُهُمْ } من غاية لطفنا إياهم { ظِـلاًّ } مروحاً لقلوبهم { ظَلِيلاً } [النساء: 57] ممدوداً لا يزول أصلاً.
واعلموا أيها المبشرون بهذه البشارة العظمى { إِنَّ ٱللَّهَ } المبشر بأمثاله { يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ } وتدفعوا { ٱلأَمَانَاتِ } من الأحوال والشهادات وسائر حقوق العباد { إِلَىۤ أَهْلِهَا وَ } يأمركم أيضاً { إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } المتخاصمين في الوقائع { أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ } بالإنصاف والسوية بلا ميل إلى جانب أحد من المتخاصمين { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوالكم { نِعِمَّا } نعم شيئاً { يَعِظُكُمْ بِهِ } ويأمركم بامتثاله { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على جميع حالاتكم { كَانَ سَمِيعاً } لجميع أقوالكم { بَصِيراً } [النساء: 58] لنياتكم وأفعالكم فيها، لا يعزب عنه مثال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.