الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { ٱنظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْماً مُّبِيناً }

ثم ناداهم سبحانه وأوعدهم رجاء أن يتبنهوا بقوله: { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ } أي: التوراة { ءَامِنُواْ بِمَا } أي: بالكتاب الجامع الذي { نَزَّلْنَا } من غاية فضلنا وجودنا على محمد صلى الله عليه وسلم مع كونه { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } أي: لكتابكم { مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً } أي: تمحو وتضمحل مراتب إنسانيتكم وإدراككم مطلقاً { فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ } قهقرى إلى المراتب الأنزل الأرذل قبل وصولكم إلى مرتبة الكمال { أَوْ نَلْعَنَهُمْ } نطردهم عن ساحة عز الوجوب إلى مضيق الإمكان { كَمَا لَعَنَّآ } مسخنا { أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ } لمخالفتهم الأمر الوجوبي بافتراء الحيلة عن لوازم الإنسانية مطلقاً، ورددناهم إلى أخس المراتب { وَ } لا تستبعدوا من الله القادر المقتدر على جميع ما يشاء أمثال هذا الطرد والإدبار؛ إذ { كَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي: إرادته المتعلقة بتكموين أمره { مَفْعُولاً } [النساء: 47] مقتضياً البتة لا تخفف.

ثم قال سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء، المتفرد بالمجد والبهاء { لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } أي: لا يستر ولا يعفو عن انتقام الشرك به بإثبات الوجود لغيره { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } من الكبائر والصغائر { لِمَن يَشَآءُ } من التائبين وغيرهم، ثم قال سبحانه تأكيداً وتحقيقاً: { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } الواحد الأحد الذيلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الاخلاص: 3-4] شيئاً من مظاهره بادعاء الوجود له أصالة استقلالاً { فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ } على الله واكتسب لنفسه { إِثْماً عَظِيماً } [النساء: 48] لا مخلص له عنه.

نعوذ بك ونستغفرك من أن نشرك بك شيئاً ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم، إنك أنت علام الغيوب.

{ أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } بألسنتهم وألبستهم؛ رياء وسمعة ويفتخرون بها ويباهون عليها، كيف وظنوا أنفسهم بهذا المزخرف الباطل ولم يتفطنوا أن العبد قل ما بخلوا عن الشرك الجلي فضلاً عن الخفي، ولا تليق التزكية للعبد مطلقاً سواء يزكي نفسه أو غيره { بَلِ ٱللَّهُ } المطلع لأحوال عباده { يُزَكِّي } بفضله { مَن يَشَآءُ } من عباده، والمراءون المزكون لنفوسهم قولاً بلا توافق أحوالهم وأعمالهم على مقالهم يعاقبون عليها { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [النساء: 49] أي: لا يزاد على انتقام ما اقترحوا مقدار حبل النواة، وهو مثل في الصغر والحقارة.

{ ٱنظُرْ } أيها الرائي { كَيفَ يَفْتَرُونَ } أولئك المراءون المزكزون نفوسهم { عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ } بادعائهم تزكية الله إياهم ترويجاً لما عليه نفوسهم من التلبيس { وَكَفَىٰ بِهِ } هذا الافتراء { إِثْماً مُّبِيناً } [النساء: 50] ظاهراً موجباً لانتقام عظيم من الله.