الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } * { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

ثم قال سبحانه امتناناً على المؤمنين، تفضلاً وإشفاقاً وجذباً من جانبه: { إِن تَجْتَنِبُواْ } وتجوزوا أيها المحبوسون في مهادي الإمكان ومضيق الحدثان { كَبَآئِرَ } أعاظم { مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } وهي الشرك بالله بأنواعه من إثبات الوجود لغيره، وإسناد الحوادث إلى الأسباب وغير ذلك { نُكَفِّرْ } نمحو ونتجاوز { عَنْكُمْ } تفضلاً عليكم { سَيِّئَـٰتِكُمْ } خطاياكم اللاحقة لنفوسكم من لوازم بشريتكم ومقتضى طبيعتكم { وَ } بعدما غفرناكم { نُدْخِلْكُمْ } بمحض جودنا ولطفنا { مُّدْخَلاً كَرِيماً } [النساء: 31] هو فضاء التوحيد الذي ليس فيه هوةاء ولا ماء ولا غدو ولا مساء، بل فيها إفناء وبقاء ولقاء، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى.

وفقنا بكرمك وجودك لما تحبه عنا وترضى.

{ وَ } من مقتضى إيمانكم أيها المؤمنون المحمديون المتوجهونن نحو توحيد الذات من محجة الفناء والرضا بما نفذ عليه القضاء، فعليكم أن { لاَ تَتَمَنَّوْاْ } تمني المتحسر المتأسف حصول { مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ } في النشأة الأولى { بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } من الجاه ولمال والمكانة الرفيعة في عالم الصورة؛ إذ هي ابتلاء واختبار لهم وفتنة تبعدهم عن طريق الفناء، وتوقعهم في التكثر والتشتت، والموحدون المحمديون لا بد له أن يقتفوا أثر نبيهم صلى الله عليه وسلم في ترك الدنيا وعدم الالتفات نحوها إلا ستر عورة وسد جوعة؛ إذ الإضافة والتمليك مطلقاً مخل بالتوحيد، والغنى المطغي جالب للعذاب الأخروي.

ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذاباها كان غراماً.

واعملوا أيها المحمديون السالكون سبيل الفناء لتفوزوا بجنة البقاء أن لكم عند ربكم درجات ومداخل متفاوتة بتفاوت استعداداتكم المترتبة على ترتيب الأسماء والصفات الإلهية؛ إذ { لِّلرِّجَالِ } أي: للذكور الكمل لكل منكم على تفاوت طبقاتهم { نَصِيبٌ } حظ من التوحيد الذاتي هو مقرهم وغاية مقصدهم حاصل لهم { مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ } من الرياضات والمجاهدات المعدة لفيضان المكاشفات والمشاهدات { وَ } كذا { لِلنِّسَآءِ } منكم مع تفاوت طبقاتهن { نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ } في تلك الطريق؛ إذ كل ميسر لما خلق له وعليكم التوجه نحو مقصدكم { وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } يا عباده لييسر لكم ما يعينكم ويجنبكم عما لا يعنيكم ويغويكم { إِنَّ ٱللَّهَ } الميسر لأمور عباده { كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ } مما صدر عنهم من صلاح وفساد { عَلِيماً } [النساء: 2] بعلمه الحضروري، يصلح لهم وييسر عليهم الهدى بقدر استعداداتهم وقابلياتهم.

ثم قال سبحانه: { وَلِكُلٍّ } من الأسلاف الذين مضوا { جَعَلْنَا } من محض جودنا وحكمتنا { مَوَٰلِيَ } أخلافاً يولونهم ويوالونهم ويأخذون { مِمَّا } أي: من الأموال التي { تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَ } كذا مما ترك { ٱلأَقْرَبُونَ } من ذوي الأرحام { وَ } كذا من متروكات { ٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } بالنكاح والزواج على الوجه المشروع { فَآتُوهُمْ } أيها الحكام { نَصِيبَهُمْ } أي: نصيب كل من الولاة على الوجه المفروض { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لمصالح عباده { كَانَ } في سابق علمه { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من الحوادث الكائنة { شَهِيداً } شيهداً [النساء: 44] حاضراً مطلقاً.