{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ } فبنقضهم المواثيق الغلاظ والعهود المؤكدة، فعلنا بهم ما فعلنا من الابتلاءات والاختبارات، وتحريم المباحثات وأنواع البليات والأذيات { وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على توحيده، والمنزل على خلَّص عبيده { وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ } المعصومين عن الجرائم مطلقاً { بِغَيْرِ حَقٍّ } بلا رخصةٍ شرعيةٍ { وَقَوْلِهِمْ } للأنبياء والرسل حين دعتهم للإيمان عتوّاً واستكباراً: { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أوعية مملوءة بالحقائق والمعارف مختومة، لا يسع فيها ما جئتم به، والحال أنهم ليس في قلوبهم ما يتعلق بأمور الدين مقدار خردلةٍ { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا } باسمه المضل، المذل، وختم عليها { بِكُفْرِهِمْ } أي: بسبب كفرهم وشركهم { فَلاَ يُؤْمِنُونَ } فلا يفقون على الإيمان منهم { إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 155]. { وَبِكُفْرِهِمْ } أي: بسبب كفرهم وسترهم الحق؛ عناداً ومكابرةً { وَقَوْلِهِمْ } رمياً وافتراءً { عَلَىٰ مَرْيَمَ } المنزهة عن الكدروات مطلقاً { بُهْتَاناً عَظِيماً } [النساء: 156] يتهمونها، ويرمونها بالزنا مع عصمتها وطهارة ذيلها. { وَقَوْلِهِمْ } أيضاً إرجافاً وإسماعاً وتبجحاً: { إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } مع كونه { رَسُولَ ٱللَّهِ } وكلمته وروحاً منه { وَ } الحال أنه { مَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ } لأنه في حمى الله وفوق سمائه { وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ } رجل منهم؛ أي: ألقى الله شبهه على حارس منهم يحرسه؛ ليظفروا عليه، فرفع المشبه به فبقي المشبه، فقُتل وصُلب، ثم اختلفوا فقالوا: إن كان هذا عيسى، فأين صاحبنا؟ وإن كان صاحبنا، فأين هو عيسى؟ { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } في قتله وصلبه ورفعه إلى السماء { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } ترددٍ وارتيابٍ { مَا لَهُمْ بِهِ } وبأمره { مِنْ عِلْمٍ } تصديقٍ ويقينٍ { إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ } والظن لا يغني عن الحق شيئاً { وَ } الحق أنه { مَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } النساء: 157] كما زعموا. { بَل } الحق أنه { رَّفَعَهُ ٱللَّهُ } الرقيب عليه، المتولي لحفظه وأمره { إِلَيْهِ } أي: إلى كنفه وجواره؛ إنجازاً لوعده في قوله:{ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [آل عمران: 55] { وَكَانَ ٱللَّهُ } القادر على كل ما أراد وشاء { عَزِيزاً } غالباً، مقتدراً على رفعه { حَكِيماً } [النساء: 158] في قتل من شبه له؛ ليرجعوا بها.