الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً } * { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً }

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ } المتفرد في الوجود { وَ } اعترفوا بظهوره في { رُسُلِهِ } بجميع أوصافه وأسمائه { وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } بالإيمان والكفر، بل يؤمنوا بجميعهم على السوية { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء، الموفقون بهذه الكرامة في هذه النشأة { سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ } تفضلاً عليهم في النشأة الأخرى { أُجُورَهُمْ } بأضعاف ما استحقوا عليه { وَ } لا تستبعدوا من الله أمثال هذا؛ إذ { كَانَ ٱللَّهُ } الموفق لهم على الهداية { غَفُوراً } لذنوبهم المبعدة عن طريق توحيده { رَّحِيماً } [النساء: 152] لهم، يوصلهم إلى ما عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

هب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.

{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ } من غاية جهلهم بالله، ونهاية غفلتهم عنه { أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } على مقتضى ما تهوى نفوسهم، وترضى عقولهم، ولا تستكبر منهم هذا { فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ } وأشد بعداً واستحالةً { فَقَالُوۤاْ } من غاية بعدهم عن الله، ونهاية حجابهم عن مطالعة جماله: { أَرِنَا ٱللَّهَ } الذي تدعونا إليه، وترشدنا نحوه { جَهْرَةً } ظاهرة معاينة كالموجودات الأخر، وما قدروا الله حق قدره، لذلك أرادوا أن يحصروا، ويحيطوا به، مع أنه سبحانه أجلُّ من أن يشار إليه، ويحاط به، ويدرك على ما هو عليه؛ إذ الإشارة والإحاطة والإدراك إنما هو منه وبه وفيه وإليه، ومن هذا شأنه كيف يدرك ويحس؟.

ونهاية حال الواصلين إليه أنهم انخلعوا عن هوياتهم الباطلة بالمرة، وفنوا في هويته واضمحلوا، لا إليه إلا هو، كل شيء هالك إلا وجهه { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } النازلة من السماء { بِظُلْمِهِمْ } هذا فهلكوا { ثُمَّ } بعدما تابوا، ورجعوا إلى الله واستشفع لهم موسى صلوات الله عليه { ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ } إلهاً، وحصروا الألوهية فيه حين لبَّس عليهم السامري وخادعهم به، مع أن اتخاذهم هذا { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } الواضحة، الدالة على توحيد الله وتقديسه من الحصر والإحاطة { فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ } أيضاً بعدما رجعوا إلينا والتجئوا نحونا متذللين { وَآتَيْنَا } بعد ذلك { مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً } [النساء: 153] حجة واضحة، ومعجزرة ملجئة لهم إلى الإيمان.

{ وَ } ذلك أن { رَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ } معلقاً { بِمِيثَاقِهِمْ } بسبب أن نأخذ منهم العهد الوثيق، إذ جاءوا به أزلنا عنهم، وإن أبوا أسقطنا عليهم { وَقُلْنَا لَهُمُ } أيضاً بعدما أخذنا الميثاق عنهم على لسان موسى عليه السلام: { ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ } أي: البيت المقدس { سُجَّداً } حال كونكم ساجدين، واضعين جباهكم على تراب المذلة، فدخلوا مسرعين ومزحفين، فنقضوا { وَقُلْنَا لَهُمْ } أيضاً ميثاقاً ومعادة على لسان داود عليه السلام: { لاَ تَعْدُواْ } لا تجاوزوا، ولا تخرجوا عن حدٍّ، ولا سيما { فِي ٱلسَّبْتِ } أي: اصطياد الحيتان فيه، فاحتالوا في اصطيادها، فنقضوا ما عهدوا { وَ } بعدما { أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [النساء: 154] أي: مواثيق غلاظ على إرادة الجنس، فنقضوا الكل، وخالفوا الأمر.