وكيف لا يجمع المنافقون مع الكافرين، وهم { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } أي: ينتظرون لمقتكم وهلاككم أيه المؤمنون المخلصون { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ } وغنيمة { مِّنَ } نصر { ٱللَّهِ } عليكم { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } وفي عسكركم، لِمَ لَمْ يسهموا علينا، ولم يستخرجوا حقنا من الغنيمة؟ { نَصِيبٌ } المقاتلين { قَالُوۤاْ } حظٌّ من الاستيلاء والغلبة { وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ } للكفرة إظهاراً للمؤاخاة والمظاهرة: { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ } ولم نستعن { عَلَيْكُمْ } بالتكاسل والتواني وعدم الإعانة والمظاهرة عليهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم { وَنَمْنَعْكُمْ } بهذه الحيل { مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }؟ فعليكم أن تشركونا فيما أصبتم منهم؛ إذ كانا متسببين لهم، لا تبالوا أيها المؤمنون بإيمان هؤلاء المنافقين وادعاء وفاقهم، ولا ينافقهم وشقاقهم { فَٱللَّهُ } المطلع لضمائرهم { يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } المعد للفصل والانتقام { وَ } ان احتجوا عليكم، وادعوا الإيمان؛ تلبيساً في هذه النشأة { لَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ } المولي لأمور عباده { لِلْكَافِرِينَ } المنافقين الملبسين { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } الموقنين، المخلصين { سَبِيلاً } [النساء: 141] حجةً دليلاً في النشأة الأخرى؛ إذ فيها تُبلى السرائر، وتُكشف الضمائر، وتُجزى كل نفس بما تسمى. ثم قال سبحانه: { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } المصرين على النفاق، يتخيلون أنهم { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } ويلبسون عليه، كخديعهم وتلبيسهم على المؤمنين { وَ } الحال أنه { هُوَ خَادِعُهُمْ } وماكرهم باقتدارهم على هذا الخداع؛ إذ يترتب عليه من الجزاء ما لو علموا لهلكوا { وَ } من جملة نفاقهم وشقاقهم أنهم { إِذَا قَامُوۤاْ إِلَى } أداء { ٱلصَّلاَةِ } مع المؤمنين { قَامُواْ كُسَالَىٰ } مبطئين، متكاسلين، وليس غرضهم منها سوى أنهم { يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ } حتى يظنوا أنهم مؤمنون، مخلصون { وَ } مع ذلك { لاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ } في الصلاة { إِلاَّ قَلِيلاً } النساء: 142] منهم، أخلصوا في نفسه، ولم يظهروا لخوفهم ، والحاصل أن أ÷ل النفاق ليسوا من الكافرين عند الكافرين، وأيضاً ليسوا من المؤمنين عند المؤمنين. بل { مُّذَبْذَبِينَ } مردّدين { بَيْنَ ذٰلِكَ } بحيث { لاَ } ينسبون { إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ } المؤمنين { وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ } الكافرين، هم في أنفسهم ضالين، وعند الله مردودين { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } ويحليه على الضلال { فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } [النساء: 143] إلى الهداية أصلاً. اهدنا بلطفك إلى الصراط المستقيم.