الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } * { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } * { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }

ثم قال سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله حين ظهر موسى كليم الله وبعث إليهم { ثُمَّ كَفَرُواْ } به وبدينه حين ظهر عليهم السامري بالعجل { ثُمَّ آمَنُواْ } بعد رجوع موسى من ميقاته { ثُمَّ } لما ظهر الزامن بانقطاع الوحي وإرسل الرسل وإنزال الكتب، وقع في أمر الدن فترة وضعف، أرسل عليهم عيسى عليه السلام وأنزل عليه الإنجيل؛ ليبين لهم طريق توحيده { كَفَرُواْ } به وكذبوا بكتابه عناداً واستكباراً.

وبعدما انقرض جيل عيسى عليه السلام، أظهر سبحانه النبي الموعود في كتبه السالفة بأنه سيأتي نبي مبعوث على كافة البرة بالتوحيد الذاتي، وله دين ناسخ لجميع الأديان، وكتابه ناسخ لجميع الكتب، وبه يُختم أمر النبوة والوحي والإرسال والإنزال؛ إذ بظهوره كمل طريق التوحيد والعرفان { ثُمَّ } لما ظهروتحقق عندهم ظهوره { ٱزْدَادُواْ } به { كُفْراً } وتكذيباً، وأصروا على ما هم عليه عتواً وعناداً { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ } الهادي لعباده والماحي لذنوبهم { لِيَغْفِرَ لَهُمْ } إن بقوا على كفره وإصرارهم { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } [النساء: 137] إن انهمكوا في الغي والضلال.

{ بَشِّرِ } يا أكمل الرسل { ٱلْمُنَافِقِينَ } منهم، وهم الذين يدَّعون الإيمان بك وبكتابك وبدينك على طرف اللسان، وقلبم على الشقاق والطغيان الأصلي { بِأَنَّ لَهُمْ } عند ربهم { عَذَاباً أَلِيماً } [النساء: 138].

وحذر منهم ومن سراية خبثهم المؤمنين { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على الكفر بالله وتكذيب الرسول { أَوْلِيَآءَ } أحباء أصدقاء يصاحبونهم { مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قل للمتخذين من المؤمنين نيابة عنا: { أَيَبْتَغُونَ } ويطلبون { عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ } ويعتقدون أنهم أعزة يتعززون بهم وبمصاحبتهم وموالاتهم مع أنه لا عزة لهم حقيقةً، بل ضربت عليهم الذلة والهوان { فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ } الغلبة والكبرياء والبسطة والبهاء { للَّهِ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { جَمِيعاً } [النساء: 39] لا يسع لغيره أن يتعزز في نفسه إلا بفضله وطوله.

ومن فضل الله لكم { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } المبيّن لدينكم، المنزل على نبيكم { أَنْ } أي: أنه { إِذَا سَمِعْتُمْ } وعلمتم حين تلاوتكم { آيَاتِ ٱللَّهِ } على رءوس الملأ أنه { يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا } - العياذ بالله - { فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } مع هؤلاء الكفار المستهزئين بل اتركونهم ومجالستهم { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } فإن لم تتركوهم، وتخرجوا من بينهم صرتم منتسبين للكفر، والاستهزاء بآيات الله { إِنَّكُمْ إِذاً } حين لم تتركونهم وتقعوا معهم { مِّثْلُهُمْ } في استحقاق العذاب والنكال { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز بالمجد والبهاء لقادر على كل ما أراد وشاء { جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ } المداهنين { وَٱلْكَٰفِرِينَ } المكذبين، المستهزئين { فِي جَهَنَّمَ } البعد والخذلان، وسعير الطرد والحرمان { جَمِيعاً } [النساء: 140] مجتمعين بلا تفاوت في العقوبة.