الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } * { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } * { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } * { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً }

{ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } أي: ما يدعون من دون الله آلهة { إِلاَّ إِنَٰثاً } وهي: اللات والعزى والمناة { وَإِن يَدْعُونَ } من دونه { إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } [النساء: 117] مردوداً لا خير فيه أصلاً؛ إذ هو حملهم وأغراهم على عبادة الأصنام الجامدة.

وكيف يعبدونه ويدعون له وقد { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } وطردهه عن عز حضوره، وأخرجه من خلص عباده بواسطة تغرير العباد وإغراضهم إلى الشرك والطغيان { وَ } بعدمى آيس عن روح الله، وقنط من رحمته { قَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ } الذين طردتني بسببهم وأبعدتني لأجلهم { نَصِيباً } حظّاً كاملاً مما جعلته { مَّفْرُوضاً } [النساء: 118] لهم من توحيدك وتقديسك، بأن يغرهم ويلبس عليهم إلى أن يشركوا بك، وينسبوا إليك ما لا يليق بجنابك فينحطوا بها عن كتف حفظك وجوارك، ويستحقوا سخطك وغضبك.

{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ } بأنواع الخدات والوسوسة عن طريق توحيدك { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } بما يتعلق بمعاشهم في دار الغرور من الحرص وطول الأمل، وسائر مشتهيات النفس ومستلذاتها { وَلأَمُرَنَّهُمْ } بتغيير أوضاعك وتنقيص مصنوعاتك وتخريب مخترعاتك { فَلَيُبَتِّكُنَّ } ليشقن { ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ } وأنوف الخيل، وغير ذلك من الأعمال التي عملوا مع خلقك بلا رخصة شرعية { وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } بموالاتي أياهم، ومواساتي معهم إلى أن يغيروا ما خلق على مقتضى الحكمة من الأمور التي خرج بها عن الفطرة الإلهية وانحرفوا بها عن طريق الأقوم الأعدل { وَ } بالجملة: { مَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ } ولاية { ٱللَّهِ } المولي لجميع أموره { فَقَدْ خَسِرَ } لنفسه { خُسْرَاناً مُّبِيناً } [النساء: 119] ظاهرة الخسارة والحرمانن؛ إذ بدل ولاية الله الهادي بولاية الشيطان المضل، ولا خسران أعظم منه.

وكيف لا يكون ولاية الشيطان خسراناً؛ إذ { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ } ما لا ينالون ويصلون إليه أصلا، كيف يصلون وإلى أي شيء ينالون { وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } [النساء: 120] أوهاماً وخيالات باطلة، لا وجود لها أصلاً لا حالاً ولا مآلاً؟!

{ أُوْلَـٰئِكَ } المغرورون بغرور الشيطان والضالون بإضلاله { مَأْوَاهُمْ } ومثواهم { جَهَنَّمُ } البعد والإمكان { وَ } هم { لاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً } [النساء: 121] ملجاً ومهرباً أصلاً، بل يبقون فيها مخلداً مؤبداً.