{ وَ } بالجملة: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءاً } معصية متعدية ليسوء به غيره رمياً وافتراء { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } بالخروج عن حدود الله بلا تعدية إلى الغير، ثم بعدما تفطن بوخامة عاقبته { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ } بالتوبة والندامة الناشئة عن محض الخلوص والتيقظ { يَجِدِ ٱللَّهَ } الموفق له على التوبة { غَفُوراً } يغفر ذنوبه { رَّحِيماً } [النساء: 110] يقبل توبته تفضلاً وامتناناً.
{ وَمَن يَكْسِبْ } منكم { إِثْماً } موجباً للنكال والعذاب { فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } لا يتعدى وباله عنه { وَكَانَ ٱللَّهُ } المجازي لعباده { عَلِيماً } بما صدر عنهم { حَكِيماً } [النساء: 111] فيما جرى عليهم.
{ وَمَن يَكْسِبْ } منكم { خَطِيۤئَةً } معصية صادرة عن خطأ لا عن قصد { أَوْ إِثْماً } صادراً عن قصد وعن اختيار { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ } منزهاً عند نزاهة نفسه { بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ } وتحمل الرامي { بُهْتَاناً } افتراء { وَإِثْماً مُّبِيناً } [النساء: 112] في إسقاط العدالة واستجلاب العذاب.
{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ } يا أكمل الرسل بإنزال الوحي { وَرَحْمَتُهُ } بإعلام ما هم عليه من رمي البريء { لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ } عن منهج الرشاد ومقتضى حكم الله وأمره { وَ } بعدما أدركك الوحي والإلهام { مَا يُضِلُّونَ } بتلبيسهم { إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ } إذ عاد وباله ونكاله عليهم { وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ } أي: شيئاً من الضرر؛ لأن الله يعصمك عما لبَّسوه عليك، ويأخذهم { وَ } عليك أن تجتنب عن تلبيساتهم وتزوراتهم، والإصغاء إلى أكاذيبهم ومفترياتهم؛ إذ { أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } من غاية لطفه { ٱلْكِتَابَ } المبين للوقائع والأحكام { وَٱلْحِكْمَةَ } المتقنة الكاشفة عن سرائرها { وَعَلَّمَكَ } من الحقائق والمعارف { مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } من قبل { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ } بإعطاء هذه الفضائل { عَظِيماً } [النساء: 113] إذ لا فضل أعظم منه.