الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } * { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

ثم إن أرادوا - يعني: قريشاً - أن يخدعوك ويلبسوا عليك الأمر، بأن أمروك باستلام بعض آلهتهم ليؤمنوا بإلهك { قُلْ } قل لهم يا أكمل الرسل على سبيل التعيير والتوبيخ: { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد الحقيق بالإطاعة والعبادة { تَأْمُرُونِّيۤ } أي: تأمرونني { أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } [الزمر: 64] بالله وباستحقاقه للعبادة والانقياد، وبالأصالة والاستقلال.

ثم قال سبحانه مقسماً على سبيل التأكيد والمبالغة في التأديب، تحريكاً لحمية صلى الله عليه وسلم، وتثبيتاً على محبته { وَ } اللهِ { لَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ } يا أكمل الرسل { وَإِلَى } الرسل { ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ } أنت من كمال ودادتك وخلتك، وكل واحد منهم أيضاً مع كمامل محبتهم وخلوصهم، وأتيت أنت وهم بشيء يلوح منه الإشراك المنافي للتوحيد { لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } وعملهم؛ أي: ليضيعن ألبتة صالح عملك الذي جئبت به ليفيدك { وَلَتَكُونَنَّ } حينئذ { مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [الزمر: 65] خسراناً مبيناً.

فعليك ألاَّ تصاحب مع المشركين، ولا تقبل منهم قولهم، ولا تمتثل أمرهم { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ } أي: بل إن أردت العبادة والإطاعة، فاعبد الله خاصة خالصة، ولا تلتفت إلى غيره { وَكُن } في شأنك هذا { مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [الزمر: 66] الصارفين لنعم الله إلى خلق لأجله؛ إذ هم جبلوا على فطرة العبادة والعرفاتن، بالنسبة إليه سبحانه حتى يتخذوه وكيلاً حسيباً.

{ وَ } بالجملة: المشركون الذين اتخذوا أولياء من دونه سبحانه، وادعوا الوجود له وشركتهم معه سبحانه { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ } أي: ما وسعوا الحق باعتبار ظهوره بهذا الاسم المخصوص المستجمع لجميع الأسماء والصفات، والمعبر به عن الذات الأحدية كاسمه العليم، لذلك لم يعرفوا { حَقَّ قَدْرِهِ } وقدر ظهوره وبطونه، ولو وسعوا له، وعرفوا حق قدره، لما أثبتوا له شريكاً؛ إذ كل من تحقق بوحدة الحق وكيفية سريانه على هياكل الأظلال والعكوس والمنعكسة، ولم يبقَ عنده شائبة شك في ألاَّ تعدد في ذاته سبحانه، ولا تكثر بل يتجلى ويتجدد في كل آن بشأن، ولا شك أن كل ما ظهر من الشئون فانوَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [الرحمن: 27].

{ وَ } من جملة ما انعكس من بعض شئونه سبحانه { ٱلأَرْضُ جَمِيعـاً } أي: جميع ما يتولد من الطبيعة والهيولي المنعكسة من التجليات الإلهية حسب اقتضاء أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فيها { قَبْضَـتُهُ } أي: مقبوضة في كفِّ قدرته { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } التي هي الطامة الكبرى التي انقهرت دونها أظلال السوى مطلقاً، مندكة في نفسها، معدومة في حد ذاتها، لا وجود لها { وَ } كذا { ٱلسَّمَٰوَٰتُ } حينئذ { مَطْوِيَّاتٌ } معطلات عن مقتضياتها التي هي الأفعال والحركات، ساقطات في زاية العدم على ما كانت عليها مقتضياتها التي هي الأفعال والحركات، ساقطات في زاوية العدم على ما كانت عليها أزلاً وأبداً؛ أي: تنزه ذاته وتقدسمت أساؤه { بِيَمِينِهِ } وقدرته { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ } شأنه { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [الزمر: 67] له غيره ظلماً وزرواً.