الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } * { وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } * { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

ثم قيل لها من قِبل الحق رداً لقولها: { بَلَىٰ } هداك الله؛ إذ { قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي } لهدايتك وإرشادك على ألسنة رسلي { فَكَذَّبْتَ بِهَا } وبهم { وَٱسْتَكْبَرْتَ } عليها وعليهم { وَكُنتَ } حيئنذ بتكذيبك واستكبارك { مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } [الزمر: 59] الذين ستروا الحق الحقيق بالإطاعة والاتباع، وأظهروا الباطل الزائغ الزاهق الزائل، فاتخذوه معبوداً، وعبدوا له ظلماً وزوراً، عناداً واستكباراً.

{ وَ } لا تبالوا أيها الموحدون بعتوهم واستكبارهم في هذه النشأة؛ إذ { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } التي تُبلى السرائر فيها { تَرَى } فيها أيها الرائي { ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ } بإثبات الولد والشريك له، افتراء ومراء { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } أي: تراهم حال كونهم مسودة الوجوه؛ لأنهم حينئذ ملازموا النار وملاصقوها، تستبعد وتستغرب أيها المعتبر الرائي حالتهم هذه { أَلَيْسَ } يبقى { فِي جَهَنَّمَ } البعد والخذلان، وجحيم الطرد والحرمان { مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } [الزمر: 60] الذين يتكبرون على الله وعلى أوليائه بأنواع الفسق والعصان والكذب والطغيان، مع أنه ما هي إلا معدة لهؤلاء البغاة الطغاة الهالكين في تيه الكبر والعناد.

{ وَيُنَجِّي ٱللَّهُ } المفضل المحسن بمقتضى لطفه وجماله من أهوال يوم القيامة وأفزاعها { ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } عن محارم الله { بِمَفَازَتِهِمْ } أي: بفوزهم وفلاحهم المورث لهم فتح أبواب السعادات وأنواع الخير والبركات { لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ } أي: ينجيهم؛ بحيث لا يعرضهم شيء يسؤهم في النشأة الأخرى { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [الزمر: 61] فيها أصلاً.

وكيف لا ينجي سبحانه أولياءه؛ إذ { ٱللَّهُ } المحيط بجميع ما ظهر وبطن { خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } ومظهره من العدم بامتداد أظلال أسمائه وصفاته عليه { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مظاهره ومصنوعاته { وَكِيلٌ } [الزمر: 62] يولي أمره، ويحفظه عما يضره.

إذ { لَّهُ } وفي قبضة قدرته { مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: مفاتيح العلويات والسفليات، وما يتولى بينهما، ويتصرف فيهما بالإرادة والاختيار، ما شاء بلا منازع ومخاصم { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ } وأنكروا دلائل توحيده واستقلاله في الآثار الصادرة منه سبحانه باختياره { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء الضالون عن طريق التوحيد، المنحرفون عن جادة العدالة { هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [الزمر: 63] المقصورون على الخسران والحرمان، لا يُرجى نجاتهم منه أصلاً.