الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } * { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَ } بعدما سمعتم سعة رحمة الحق وجميل عفوه ومغفرته { أَنِـيبُوۤاْ } أي: تقربوا وتوجهوا أيها المجبولون على فطرة الإسلام { إِلَىٰ رَبِّكُمْ } الذي رباكم لمصلحة المعرفة والتوحيد { وَأَسْلِمُواْ لَهُ } وانقادوا لأوامره، واجتنبوا عن نواهيه بالعزيمة الخالصة عن كدر الرعونات وشين الشهوات { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ } الموعود في يوم الجزاء { ثُمَّ } بعد نزوله وإتيانه { لاَ تُنصَرُونَ } [الزمر: 54] إذ حينئذ لا يسع لكم التدارك والتلافي؛ لانقضاء زمان التوبة والرجوع.

{ وَ } بالجملة: إن أردتم النجاة من العذاب { ٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ } أيها المكلفون على الدين المستبين، ألا وهو القرآن الكريم المنزل على خير الأنام وأفضل الرسل الكرام، وامتثلوا بجميع ما فيه من الأوامر والنواهي على وجه العزيمة { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً } فجأة { وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } [الزمر: 55] علاماته حتى تتداركوا وتحذروا منها.

وبالجملة: احذروا من يوم هائل مهول مخافة { أَن تَقُولَ } فيه { نَفْسٌ } وازرة منكم، مقصرة عن الإنابة والرجوع حين حلول العذاب عليها: { يٰحَسْرَتَا } ويا ندامتنا { عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ } أي: في جانبه ورعاية حقه في إطاعته وانقياده { وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } [الزمر: 56] أي: فرطت في حقه سبحانه، والحال أني حينئذ من الساخرين بالأنبياء الهادين والعلماء الراشدين المنبهين علي، وبالجملة: فندمت حينئذ، ما ينفع الندم.

{ أَوْ تَقُولَ } متحسراً على كرامة أهل العناية: { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي } ووفقني على التوبة والإنابة نحوه كسائر أوليائه { لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [الزمر: 57] المتحفظين نفوسهم عن الإفراد في حق الله ورعاية جانبه.

{ أَوْ تَقُولَ } متمنياً مستبعداً { حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ } يحل عليها، ويحيط بها: { لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً } أي: رجوعاً إلى الدنيا مرة أخرى { فَأَكُونَ } حينئذ { مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [الزمر: 58] الذين يحسنون الأدب مع الله، ويصدقون رسله وكتبه، وإنما تقول حينئذ ما تقول من كمال تحسرها على ما فات منها، وشدة هولها مما نزل عليها.