الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } * { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ عَالِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

وبعدما سمع قريش كمال قدرة الله، واستقلاله بالتصرفات الواقعة في ملكه وملكوته حسب إرادته واختياره، ينبغي لهم أن يوحدوه سبحانه، ويتخذوه وكيلاً، ويجعلوه حسيباً وكفيلاًن مع ذلك لم يتخذوه { أَمِ ٱتَّخَذُواْ } أي: بل اتخذوا من تلقاء أنفسهم { مِن دُونِ ٱللَّهِ } أولياء من الأصنام والأوثان، وسموهم { شُفَعَآءَ } عنده سبحانه، لذلك يعبدونهم كعبادته { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إلزاماً وتبكيتاً: { أَوَلَوْ كَـانُواْ } أي: أتتخذون الأصنام والأوثان شفعاء أيها الحمقى، وتستشفعون منهم، ولو كانوا { لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً } من جلب النفع ودفع الضر { وَلاَ يَعْقِلُونَ } [الزمر: 43] ويدركون مقاصدهم أصلاً؟! وما هو إلا وهم باطل، وخروج عن مقتضى العقل الفطري.

{ قُل } لهم يا أكمل الرسل بعدما لاح عندك غباوتهم وضلالهم على وجه العظة والتذكير؛ لعلهم يتنبهوا: { لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً } أي: مطلق الشفاعة، مختصة لله، مستندة إليه أصالة، كائنة من عنده، لا يسع لأحد من أهل العناية أن يشفع لمجرم عنده سبحانه إلا بإذنه، وكيف لا يكون كذلك؛ إذ { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: ماظهر من العلويات والسفليات، وما بينهما من الممتزجات، بلا تصرف فيها بالاستقلال والاختيار، بلا مزاحمة أنداد وأغيار { ثُمَّ } لو وقعت شفاعة من أحد ممن أذن له الرحمن، ورضي له قولاً، فإنما هي أيضاً آيل إليه سبحانه؛ إذ { إِلَيْهِ } لا إلى غيره من العكوس والأظلال { تُرْجَعُونَ } [الزمر: 44] رجع الأضواء إلى الشمس.

{ وَ } من شدة قساوة المشركين وجهلهم بالله { إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ } الواحد الأحد الصمد المستقل بالألوهية والربوبية { وَحْدَهُ } على ما كان بلا مشاركة أحد معه في الثبوت والوجود { ٱشْمَأَزَّتْ } أي: انقبضت وضاقت { قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } بالانكشاف التام في النشأة الأخرى، والمفني لأظلال السوى والعكوس مطلقاً { وَإِذَا ذُكِرَ } آلهتهم { ٱلَّذِينَ } يدعونهم { مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [الزمر: 45] أي: فاجؤوا عند ذكر آلهتهم إلى البسط والاستبشار.

{ قُلِ } يا أكمل الرسل عند يأسك عنهم وعن إيمانهم وتنبههم، مسترجعاً إلى ربك، مفوضاً أمور عباده إليه، سيما هؤلاء المعاندين: { ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ومظهرهما من كتم العدم بالإرادة والاختيار، يا { عَالِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } على التفصيل؛ بحيث لا يعزب عن حيطة علمك مثقال ذرة من ذرائر ما لمع عليه برق وجودك بمقتضى جودك { أَنتَ } بذاتك حسب شئونك وتطوراتك { تَحْكُمُ } وتقضي { بَيْنَ عِبَادِكَ } هؤلاء وبيني { فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } معي في أمور الدين القويم المنزل من عندك، والكتاب المبين طريق توحيدك.