الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

وليس هذا التكذيب والجزاء المترتب عليه مخصوصاً بهؤلاء الكفرة المكذبين لك يا أكمل الرسل، بل كل من { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِهِمْ } من المشركين رسلهم المبعوثين إليهم { فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ } فجأة { مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [الزمر: 25] مقدماته وأماراته أصلاً.

{ فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ } المنتقم منهم { ٱلْخِزْيَ } أي: الذل والهوان، والخيبة والخسران { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ } المعد لهم فيها { أَكْبَرُ } أي: أشد وأفزع { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 26] شدته وفطاعته لما ارتكبوا ما يؤول إليه ويوقعهم فيه.

{ وَ } اللهِ { لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ } الناسين عهودنا ومواثيقنا { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } المتكفل لأهداء عموم الضالين { مِن كُلِّ مَثَلٍ } ينبههم على معالم الدين ومراسم التوحيد و اليقين { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [الزمر: 27] رجاء أن يتعظوا بما فيه، ويتفطنوا بسرائره ومرموزاته.

مع أن جعلناه { قُرْآناً عَرَبِيّاً } أوضح بياناً، وأعظم شأناً، وأجل تبياناً وبرهاناً { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي: بلا اختلال واختلاف في معناه، موجب للتردد والالتباس والشك والارتياب { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [الزمر: 28] عن محارمنا، ويحذرون عما نهيناهم عنه، ومع ذلك لم يتقوا، بل لم يتنبهوا ولم يتفطنوا أصلاً.

ولهذا { ضَرَبَ ٱللَّهُ } ضرب المطلع على جميع ما في استعدادات عباده وقابلياتهم { مَثَلاً } موضحاً لحال الموحد منهم والمشرك، وشبه كلتا الطائفتين برجلين مملوكين { رَّجُلاً } مملوكاً { فِيهِ شُرَكَآءُ } أي: له أرباب متشاركون فيه، كلهم { مُتَشَاكِسُونَ } أي: مشتاخصون متخالفون في استخدامه، متنازعون في شأنه، يتجاذبونه على مقتضى أهويتهم وأمانيهم بكمال الاستيلاء الغلبة، هذا مثل المشركين بالنسبة إلى معبوداتهم الباطلة.

{ وَرَجُلاً } أي: مملوكاً آخر { سَلَماً لِّرَجُلٍ } أي: مسلماً مخصوصاً لمالك فقط بلا شوب شركة فيه، ونزاع في أمره، هذا مثل الموحد بالنسبة إلى ربه الواحد الأحد الصمد، الذي لا تعدد فيه ولا كثرة أصلاً { هَلْ يَسْتَوِيَانِ } ويتماثلان { مَثَلاً } هذان الرجلان المملوكان { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } الذي لا شركة في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله، بل ولا نزاع لأحد في حكمه، يفعل ما يشاء بالإرادة والاختيار، ويحكم ما يريد بالاستقلال { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 29] وحدته واستقلاله في التصرفات الواردة، باعتبار شئونه وتطوراته، لذلك يشركون به غيره ظلماً وجهلاً.